اليات ادارة الدين العام المصري
نجحت الحكومة فى خفض نسبة الدين العام الحكومى للناتج المحلى إلى أن وصل إلى 90.5% نهاية يونيو 2019 بدلا من 108% نهاية يونيو 2017، وتستهدف أن تصل النسبة إلى 82.5% نهاية يونيه 2020، و77.5% بنهاية يونيو 2022.
وأظهرت بيانات حديثة من البنك الدولى ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى 106.2 مليار دولار بنهاية مارس الماضي مقابل 96.6 مليار دولار بنهاية 2018، بزيادة 9.6 مليار دولار خلال 3 شهور وخلال الإثنى عشر شهرًا المنتهية في مارس 2019 ارتفع الدين الخارجي لمصر 20.4%، حيث زاد نحو 18.1 مليار دولار عن مستوياته في مارس 2018 حينما سجل 88.2 مليار دولار واستحوذت القروض على الحصة الأكبر من الدين الخارجي لمصر بنحو 60.7 مليار دولار، يليها الودائع بنحو 21.46 مليار دولار، وأوراق الدين بنحو 18.3 مليار دولار، وتسهيلات الموردين نحو 4.6 مليار دولار، وحقوق السحب الخاصة 1.247 مليار دولار ولا تشمل أرقام الدين الخارجى استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى البالغة 19.5 مليار دولار.
في ظل التطورات التي تشهدها اساليب ادارة الدين العام المتنامي في مصر فانه يجب الانتباة الي ان حجم الدين المحلي وأعباء خدمته يمثل تحدي كبير مقارنة بالدين الخارجي والذي يمثل نسبة اقل من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن التحكم في حجم الدين دون التعرض لعجز الموازنة المزمن الذي عانت منه مصر على مر أعوام بينما يمكننا محاولة تخفيض أعباء خدمة الدين عن طريق الإدارة الرشيدة لمحفظة الدين الحكومي.
هناك ضرورة التوجة الي اعتماد ( صكوك التمويل ) في الوقت الحالي سواء علي المستوي الحكومي مما سيجذب استثمارات عربية خليجية للدخول في سوق الدين بما يرفع من الحصيلة الدولارية من جانب ويخفف العبء عن البنوك المحلية من جانب اخر و يرفع من مساحة البدائل التمويلية المتاحة ، فهناك ضرورة للاستفادة من هذه الاداة في إطار خطة الدولة نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات و الحكومة وغيرها من الجهات الاعتبارية المختلفة في الحصول على التمويل، لما في ذلك من أثر إيجابي على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل في الاقتصادي القومي، وعلى تمكين تلك الجهات من تنويع مصادر تمويلها، ولتلبية إحتياجات شريحة كبيرة من الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والشركات الراغبة في تمويل أنشطتها ومشروعاتها أو التوسع فيها عن طريق الصكوك.
مثلت أدوات الدين المحلى نسبة متصاعدة من ودائع وحدات الجهاز المصرفى، فى الوقت الذى تراجعت فيه معدلات توظيف القروض إلى الودائع على مستوى القطاع ككل ، وهو الدور الرئيسى المعنى به البنوك كوسيط مالى لتوظيف ودائعها فى مشروعات تحقق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد ، ونري إنه لا بد أن وضع حد أقصى للاستدانة الداخلية وحجم طروحات الأوراق المالية التى تنوى طرحها من إجمالى ودائع البنوك، وأن يكون لديها مؤشر يربط بين محفظة استثمارات البنوك فى أدوات الدين، وبين إجمالى الودائع المتوفرة لدى وحدات الجهاز المصرفى، إذا كانت تهدف فعليًّا لإنعاش الأسواق ومحاربة الركود الاقتصادى ، وفي حال تطبيق ذلك سيكون على وزارة «المالية» تقليص حجم الطروحات لفترة زمنية، حتى تهبط بالمؤشر للحدود الآمنة التى تسمح لها باستئناف الاقتراض، وهو ما سيدفع البنوك حتمًا لبذل المزيد من الجهد للبحث عن قنوات بديلة لتوظيف ما لديها من سيولة وتوجيهها لقنواتها الصحيحة، عبر ضخها بسوق القروض والتسهيلات الائتمانية للشركات وأصحاب المشروعات.
هناك اقتراحات بديلة مثل استبدال الديون بسندات شبيهة بالأسهم حيث تصدر حكومات سندات مرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي على سبيل المثال فعندما يرتبط سداد الدين بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، فإن الحكومات ستكون بمنأى عن ارتفاع نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي الذي يحدث أثناء فترات الركود، ويمكن أيضاً إصدار سندات "لا تعوض" والتي تزيل مخاطر أزمة إعادة التمويل و تعد هذه الأفكار جيدة، ولكن يمكن تطبيقها فقط بالنسبة للسندات التي أصدِرت حديثاً بعكس الالتزامات القديمة، وبالتالي، فإنها يمكن أن تجدي نفعا على المدى الطويل.
على الرغم من استمرار وزارة المالية في زيادة السندات ذات الاجال المتوسطة في مقابل أذون الخزانة ذات الاجال قصيرة الاجل وبناء منحنى عائد لإصدارات الحكومة، من خلال اصدارات منتظمة لآجال مرجعية (1.5، 3، 5، 7، 10 سنوات) وإعادة فتحها لخلق سيولة في جانب المعروض من السندات، إلا أن نشاط السوق الثانوي لسندات الخزانة مازال ضعيفاً ، وذلك حتى في ظل زيادة المعروض من الإصدارات بالإضافة إلى تركز المستثمرين في سندات الخزانة لهذا نري ضرورة الاسراع بخطوة تفعيل سوق السندات الثانوي بالبورصة المصرية، حيث أن السوق ما زال ضعيفًا وغير عميق، وتستحوذ البنوك على كل تعاملاته، وذلك على عكس الأسواق الأخرى عالميا المتوافر بها أسواق ثانوية نشطة مما يسمح بتوفيرتمويلات متوسطة و طويلة الاجل للشركات.
ويستدعي ذلك اتخاذ حزمة من الاجراءات المتكاملة لتعزيز قدرة السوق الثانوي لسندات الخزانة ومنها توسيع قاعدة المستثمرين، واستحداث آليات مثل بيع وإعادة شراء السندات، وتوحيد تسوية الأذون والسندات لتفعيل آليات تسليف الأوراق المالية الحكومية، والمحافظة على الإصدارات المنتظمة وخلق نقاط مرجعية في كلٍ من سوق الإصدار والتداول وكذلك توحيد نظام التسوية للأوراق المالية الحكومية لتعزيز سيولة السندات.
حيث تساهم سيولة السوق الثانوي في تخفيض تكلفة تلك الأوراق من خلال خفض عائد الإصدار. هذا بالإضافة إلى إعادة النظر في نظام طرح العطاءات (Uniform vs. Competitive auctions) ونظام التداول بالسوق الثانوي.
** خبير اقتصادى