بنوك
مصر تواجه صعوبات فى تأسيس وكالة دولية للتصنيف الائتمانى
"موديز" و"فيتش" و"ستاندرد أند بورز" توجهقرارات كبار مستثمرى العالم
معايير التقييم "ثابتة"..والحيادية واستقطاب الكوادر المتخصصة أولى خطوات البناء المؤسسى
"عين المستثمر"..هكذا توصف "وكالات التصنيف" بين الدول والمؤسسات المالية العالمية
تعد تقييمات مؤسسات ووكالات التصنيف الائتمانى الدولية بمثابة الضوء الأخضر لاتخاذ القرار الاستثمارى الصائب، والحصول على القروض وإدارة المخاطر، من خلال قياس مدى القدرة الفعلية على سداد الالتزامات المالية فى مواعيدها المحددة.
وتتنافس 3 وكالات عالمية شهيرة فى العمل بمجال التصنيف الائتمانى، وهى «موديز» و»فيتش» و»ستاندرد آند بورز»، وتثق غالبية الدول والمستثمرين فى تقييمات وتقارير تلك المؤسسات العالمية، لتحدد وجهتها الإستثمارية بعد ذلك.
وتوجد أكثر من 34 وكالة تصنيف ائتمانى أخرى فى مختلف دول العالم، بعضها يعمل فى تقييم الوضع الائتمانى للدول، والمؤسسات المالية خارج حدود بلاده، والبعض الآخر، أسس بغرض العمل المحلى فقط، ولكنها ذات شهرة محدودة داخل الأوساط المالية والاستثمارية.
ولا تزال منطقة الشرق الأوسط والدول العربية تعانى من غياب وكالة تصنيف ائتمانى متخصصة تحوز على ثقة الجهات الدولية، بالرغم من ثبات معايير التقييم عالميًا، أو حتى تعمل على النطاق الإقليمى أو المحلى، على الرغم من قيام دول إفريقية بتأسيس أكثر من وكالة.
واتفق عدد من الخبراء، أن اللاعبين الكبار «موديز» و»فيتش» و»ستاندرد أند بورز» هى مؤسسات تصنيف عالمية تم تأسيسها منذ فترات طويلة، واستطاعت نيل ثقة المؤسسات العالمية وجهات الاقتراض خلال العقود الماضية، وأكتسبت مصداقيتها من المستثمرين حول العالم.
ونوه الخبراء إلى أن مصر تمتلك العديد من المقومات التي تؤهلها إلى إنشاء وكالة تصنيف ائتماني، بإمكانها إصدار التوصيات والتقييمات بحيادية تامة، لافتين إلى أن العقبة التى ستواجه تلك الوكالة هى عدم الوصول إلى العالمية.
وقال الدكتور عمرو حسنين، رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتمانى – ممثل وكالة موديز فى مصر -، إن هناك حزمة من الاعتبارات التي يتم الأخذ بها عند منح التصنيف الائتماني للمؤسسات المالية أو الدول المختلفة، تتمثل فى القدرة والرغبة على سداد المديونيات، فضلا عن درجة المخاطر التي تحدث عند سداد أقساط الديون.. وأشار حسنين إلى وجود دول ومنشآت لديها الرغبة في سداد ديونها ولكنها لا تمتلك الأموال القادرة على تحقيق ذلك والعكس صحيح، وهي معايير يتم وضعها في الاعتبار عند إعطاء التصنيف الائتماني لأنه بمثابة شهادة منح الثقة الاستثمارية.
وأوضح «حسنين» أن أعلى تصنيف ائتماني تحصل عليه أية دولة أو منشأة يكون AAA، وهو يمثل قمة الهرم الذى يوضح للمستثمرين أن مخاطر منح القروض معدومة والفوائد على القروض منخفضة بنسبة كبيرة جدًا، ثم يتدرج ذلك التصنيف إلى AA وينتهي بالدرجةA..
وأضاف أن المستوى الثاني من التصنيف هو BBB، ويدل على ارتفاع مخاطر الاستثمار ثم يتدرج ذلك التصنيف إلىBB وB، والمستوى الثالث من التصنيف الائتماني يكون CCC ويدل على وجود مخاطر شديد في الاستثمار في تلك المنشآت أو الدول وأن القدرة على سداد الديون ضعيفة للغاية، وهي بمثابة جرس إنذار للمستثمرين بارتفاع مخاطر الاستثمارات الحالية أو المستقبلية في ظل وجود ذلك التصنيف والذي يتدرج أيضًا إلى CC وC.
وأوضح أن المستوى الأخير هو D، يعنى أن تلك الدولة والمنشأة تعرضت للإفلاس وبالتالي هناك استحالة سداد الديون وأنه في حالة اقتراضها فلن تمتلك القدرة على سداد الأقساط.
ومن جهته قال مصطفى نمرة، الخبير الاقتصادى، إن تأسيس مصر لوكالة تصنيف ائتمانى، يُعد أمرًا سهلًا ، لكن المعضلة الحقيقية تتمثل فى قدرتها على المنافسة العالمية واستقطاب العملاء والمؤسسات من مختلف دول العالم، خاصة وأن أسس التصنيف للشركات أو الدول معروفة للمتخصصين العاملين فى المجال.
وأضاف نمرة أن وكالات التصنيف العالمية الشهيرة، تتحكم في مصير الدول والشركات العالمية من خلال التصنيفات التي تعلن عنها سواء بالإيجاب أو بالسلب، فى ظل اعتماد المستثمرين العالميين والمؤسسات الدولية على تلك التصنيفات في حسم توجهاتهم الاستثمارية.
وألمح نمرة، إلى أن وكالات التصنيف العالمية لا تتمتع بالحيادية التامة في التصنيفات الائتمانية للدول والشركات، مستشهدًا بما حدث في أزمة الرهن العقارى عام 2008 وانهيار بنك ليمان برادرز، لافتًا إلى الدور الذى قامت به وكالات التصنيف في تلك الأزمة العالمية تسبب في خسائر جسيمة بالأسواق العالمية.
من جهتها أشارت الدكتورة علياء المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إلى وجود صعوبات كبيرة تواجه مصر في إنشاء وكالة تصنيف ائتماني على غرار الوكالات العالمية، لافته إلى أنه فى حالة تأسيس وكالة مصرية للتصنيف الائتمانى، ستكون وكالة محلية فقط ولن تتخطى الحدود العالمية.
ونوهت المهدى إلى أن عملية تأسيس وكالة تصنيف ائتمانى مصرية، ذات انتشار عالمى، تتطلب ضخ استثمارات تسويقية ضخمة، واكتساب الثقة الكاملة من المؤسسات المالية والدول المختلفة حول العالم، وهو أمر يصعب تطبيقه وتنفيذه فى مصر، فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى الوقت الحالى.
وأكد محسن الخضيري، الخبير الاقتصادي، أن إنشاء وكالة تصنيف ائتماني في مصر من شأنه تعزيز مكانة مصر بين العديد من دول العالم، وأن منح التصنيف الائتمانى، يستلزم عدة خطوات يتم تنفيذها، مع ضرورة الاستعداد الجيد وتأسيس كيان، يضم متخصصين على دراية كاملة بكيفية إجراء تقييم للشركات والمؤسسات العالمية بل والدول أيضًا، لأن ذلك التصنيفات تتم بحيادية شديدة.