تأمين
شركات التأمين تنتفض لمواجهة تعويضات "موسم الحرائق"
يتزامن فصل الصيف، ونهاية العام المالي سنويًا، مع بداية مسلسل الحرائق، بالشركات والمخازن، فى سبيل الحصول على مبالغ التأمين المقررة، من قِبل الشركات التى تبحث تغطية العجزالمطلوب، أو تقليل نزيف خسائرها، ما جعل قطاع التأمين يبدأ فى إطلاق خطط تساعده على تقليص التعويضات غير المستحقة.
و يقوم بعض أصحاب المصانع والشركات بافتعال الحرائق، نهاية العام المالى، للحصول على تعويضات تساعدهم فى مواجهة أزماتهم المالية المتعددة، ويزداد لجوء المنشآت لـ"خطة الحريق"، خلال فترة الأزمات والاضطرابات الاقتصادية والأمنية، لما لها من دورٍ جوهرىٍ فى مرور أصحاب المصانع والشركات بحالة من التدهور المالى، بجانب صعوبة إثبات افتعال العملاء للحرائق، ويظل الفاعل" مجهول" الهوية، يُشار إليه بـ"الماس الكهربائى".
وأكد خبراء قطاع التأمين أن اتجاه العملاء لإشعال الحرائق دون دراية بالأخطار المادية والبشرية الناتجة عن ذلك تعد طريقة سلبية للحصول على تعويض غير مستحقة لأصحابها، وطالبوا الشركات باتخاذ كافة الإجراءات الفنية لمواجهة هذه الحالات.
وأشار الخبراء إلى أن الفيصل الرئيسى لإثبات افتعال هذه الحوادث يتمثل فى تقرير المعمل الجنائى، ورؤية الخبير الإكتوارى لشركات التأمين.
وتزداد الحرائق مع قدوم فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما يتسبب فى خسائر ببعض الصناعات سريعة الاشتعال مثل: الورق والبلاستيك، ما أدى إلى تشدد بعض شركات إعادة التأمين فى التعامل مع السوق المصرية، فى تجديد اتفاقيات الحريق وما نتج عنه من مخاطبة الاتحاد المصرى للتأمين، للشركات المزاولة بتوصية تضمنت بعض العوامل الواجب توافرها فى المنشآت والكيانات الصناعية المؤمن عليها، للتقليل والقضاء على الخسائر الناتجة عن الحريق.
وأعد الاتحاد المصرى للتأمين إحصائية بتعويضات تأمينات الحريق خلال الـ4 سنوات الماضية، والبالغة نحو 900 مليون جنيه، واضعًا قائمة بالصناعات ذات الخسائر المرتفعة بفرع تأمينات الحريق، يتصدرها الورق بنحو 15 %.
وقال وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى ونائب رئيس لجنة الحريق بالاتحاد المصرى للتأمين، إن خسائر شركات التأمين الناتجة عن حوادث الحريق تصل إلى مليارات الجنيهات، موضحًا أن لجنة تأمينات الحريق بالاتحاد، اعتمدت عدة قرارات خلال اجتماعاتها الأخيرة، بعد إجراء دراسة تتعلق بتكرار ظاهرة تعويضات الحريق، ومنها دراسة الأخطار والحوادث الجسيمة خلال السنوات الماضية، والوقوف على إحصائية عن نتائح فرع الحريق خلال السنوات الماضية بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية.
وأكد مصطفي ضرورة التزام مكتتبى فرع تأمينات الحريق فى الشركات بمجموعة من الضوابط، فيما يخص توفير سبل الوقاية للممتلكات المؤمن عليها، ومنها تحديد الأخطار الاستراتجية الكبيرة المطلوب دراسة مصادر الخطورة بها، وتقييم وسائل الوقاية الخاصة بها ومدى مناسبتها وكفايتها، والتنسيق مع جمعيات المستثمرين وأجهزة الدفاع المدنى وجهات إصدار التراخيص لإلزام الشركات والمصانع بتوفير وسائل الوقاية والمكافحه من الحريق.
وأوضح أن اللجنة قامت بإجراء دراسة تحليلية لأسباب هذه الحوادث، وأسباب تكرارها، كما قامت اللجنة بإعداد توصيات للاكتتاب في الأنشطة ذات الخطورة، مثل الورق والأخشاب والكتان والبلاستيك وغيرها، وتوضيح وسائل الوقاية الملائمة لطبيعة كل نشاط لهذه الأنشطة.
وأشار "مصطفى "إلى قيام شركات التأمين بإعادة دراسة الخطر على الممتلكات، التى تتعرض لحوادث الحريق، من حيث درجة الخطورة لتحديد السعر المناسب، وإنشاء قاعدة بيانات للعملاء، وحظر نقل العمليات من شركة إلى أخرى، حتى تتمكن الشركة المؤمنة من الدراسة الفنية فى قبول الخطر وتحديد السعر المناسب.
من جانبه قال أنور ذكرى، العضو المنتدب للجمعية المصرية للتأمين التعاونى "CIS"، إن المنافسة السعرية التى تتخذها بعض شركات التأمين تُعد السبب الرئيسي فى تزايد تعويضات فرع تأمينات الحريق بالسوق، خلال السنوات الماضية، والتى أدت لزيادة معدلات الخسائر بالشركات العاملة فى السوق.
أضاف "ذكرى" أن قطاع التأمين، شهد خلال العقود الماضية استقرارًا فى معدلات الخسائر, نتيجة لتطبيق مبدأ التعريفة الموحدة على بعض الوثائق التأمينية، موضحًا أنه يمكن تخطى خسائر حوادث الحريق المتزايدة، عبر فرض نسبة تحمل على عملاء هذا الفرع التأمينى، مما يُسهم فى زيادة اهتمام العملاء بالمحافظة على ممتلكاتهم وتوجههم لتطبيق قواعد الحماية المدنية الصحيحة.
وأشار إلى أنه من الضرورى، قبل إصدار الوثيقة، التأكد من توافر وسائل التهوية، وعزل أسلاك الكهرباء بالإضافة إلى الصيانة الدورية والتفتيش والمتابعة بواسطة الأمن الصناعى، ووجود متابعة عامة على الكابلات ووصلات الكهرباء، وتبريد تنكات الغاز، بالإضافة إلى زيادة معدلات ضخ المياه فى خراطيم الإطفاء.
ونوه "ذكري" إلى ضرورة رفع درجة الوعى التأمينى لدى الأفراد، واتباع وسائل السلامة للمحافظة على ممتلكاتهم، خاصة بعد تعرضهم لحوادث حريق ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة أو ماس كهربائى، كما أنها زادت من خبرة شركات التأمين فى التعامل مع تلك الأزمات.
وقال أحمد عارفين، العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلى "ممتلكات"، إن افتعال الحرائق يتوقف على التعثر فى سداد القروض والديون للبنوك، مما يضطر العملاء للجوء إلى افتعال الحرائق من أجل صرف التعويض، لكى يتمكن من تسديد القرض وديونه.
وأشار "عارفين" إلى أن افتعال الحرائق أصبحت نادرة الحدوث خلال الأونة الأخيرة، نظرًا لأن حالات الغش والاحتيال يتم إثباتها بسهولة، عبر تحقيقات النيابة والمعمل الجنائي، مؤكدًا أن هذه الجهات المختصة هى المنوطة بتحديد ما إذا كان الحدث مفتعل أم لا.
وأوضح أن شركات التأمين تقف بالمرصاد لأى حادث، وتقوم بالمعاينة عبر إرسال خبراء أكتواريين، بجانب خبراء المعمل الجنائى، لمعاينة الحادث منذ بدايته وتتبع أسبابه والتأكد ما إذا كان مفتعل أم نتج عن سبب معتاد كالماس الكهربائي، مما ساهم فى انخفاض حجم التعويضات الغير مستحقة للعملاء، والواقعة على عاتق هذه الشركات، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.