بنوك
"النقد الدولى": جنى ثمار الإصلاح مرهون بتوافر فرص العمل فى القطاع الخاص
بدأت مصر مسارًا إصلاحيًا، للإصلاح المالى والإدارى، تحت إشراف صندوق النقد الدولى، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، المباشرة وغير المباشرة، والحصول على نحو 12 مليار دولار، قرضًا من الصندوق على 3 سنوات، وتخضع مصر قبل صرف كل شريحة لعملية مراجعة وتقييم من قبل بعثة رسمية للصندوق على فترات زمنية مختلفة ومتباعدة.
وقامت الحكومة المصرية بتنفيذ حزمة شروط صندوق النقد الدولى، وفقًا لجداول زمنية متفق عليها، مثل تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وتحرير أسعار الوقود تدريجيًا، والتحول للدعم النقدى، بالإضافة إلى تقليص الدعم الموجه للسلع، ورفع أسعار الخدمات الحكومية.
وحصلت مصر على 4 دفعات من قرض صندوق النقد الدولى، الأولى فى نوفمبر 2016 بقيمة 2.75 مليار دولار، ووصلت قيمة الدفعة الثانية إلى 1.25 مليار دولار فى مارس 2017، أما الدفعة الثالثة بلغت مليارى دولار تم استلامها فى نوفمبر ،2017 وتسلمت خلال مارس من العام الجارى الدفعة الرابعة والتى تقدر بمليارى دولار .
وتنتظر مصر صرف دفعتين من صندوق النقد، فى نوفمبر ،2018 وهى الدفعة الخامسة بقيمة مليارى دولار، بعد المراجعة الدورية الرابعة فى يونيو الماضى، ومن المقرر أن تتسلم مصر الشريحة السادسة والأخيرة بقمية مليارى دولار أيضًا، فى مارس،2019 بعد المراجعة الدورية الخامسة فى ديسمبر 2018.
وضمت حزمة شروط صندوق النقد الدولى، التزام الحكومة المصرية بإصلاح سوق العمل، وتعزيز قدرة القطاع الخاص على جذب العمالة، بجانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بقروض بنكية مُيسرة، لإدماج الشباب فى سوق العمل، بعيدًا عن الجهاز الإدارى للدولة، المتخم بالأعباء المالية فى الموازنة العامة للدولة والتى تقدر بـ266 مليار جنيه من إجمالى 1.725 تريليون جنيه فى موازنة 2018-2019 خاصة فى ظل وصول عدد العاملين والموظفين بالدولة إلى 5 ملايين موظف عام 2016-2017 فى مقابل 5.8 مليون فرد عام 2015-2016 بنسبة انخفاض قدرها 13 % - وفقًا للتقارير الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
ويشدد صندوق النقد الدولى على ضرورة قيام الحكومة المصرية بتوفير فرص العمل، من خلال تحفيز القطاع الخاص، وتسهيل العقبات أمام نمو وزيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما أن تلك الشركات هى العمود الفقرى لنمو الاقتصاديات العالمية فى الوقت الحالى، فى ظل تجارب حقيقية لتعزير دور الشركات الصغيرة والمتوسطة للنمور الأسيوية منذ ثمانينات القرن الماضى.
وفى ظل تهاوى معدلات الأجور فى مصر حتى مع تثبيت الحد الأدنى للأجور عند 1200 جنيه، وارتفاع معدلات التضخم والتى وصلت إلى 33 % خلال عام 2017 فإن القطاع الخاص فى مصر يواجه أزمة حقيقية فى توفير فرص العمل وتحجيم البطالة المتزايدة فى البلاد، بالتوازي مع زيادة مدخلات الإنتاج و ارتفاع أسعار الطاقة.
وجاء بيان الحكومة، الذى ألقاه رئيس الوزراء- المكلف وقتها -الدكتور مصطفى مدبولى، أمام مجلس النواب، مُتسقًا مع التعهدات التى قطعتها الحكومة لصندوق النقد الدولى، من إعادة هيكلة الدعم، وتعزيز دور القطاع الخاص فى توفير فرص العمل، وطرح الشركات العامة فى البورصة المصرية، وزيادة دور القطاع الخاص فى قيادة عملية النمو الاقتصادى.
وشدد المحور الثالث من بيان الحكومة بعنوان االتنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومىب، على الوصول بمعدل النمو الاقتصادى إلى 8 % من خلال مجموعة من البرامج التى تتضمن اتوفير الموارد التمويلية اللازمة لتنفيذ البرنامجب، من خلال تحسين كفاءة التحصيل الضريبي، والتمويل بالمشاركة فى المؤسسات الدولية، وتوسيع قاعدة التمويل بالمشاركة مع الصناديق السيادية الإقليمية والدولية وصندوق مصر السيادى، وتفعيل أصول الدولة غير المستغلة، وتعزيز المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص، وتمويل المشروعات التنموية بنظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص، وإزالة التعديات على أراضى الدولة.
وضم المحور أيضًا "تحسين تنافسية قطاع الصناعة، وتحفيز الاستثمار الصناعى الخاص، ودعم المصانع والمشروعات المتعثرة، وتعميق التصنيع الزراعى، وتطوير نظم الاتصالات وتوطين صناعة تقنية المعلومات، وتعميق الصناعة التكنولوجية المتخصصة، وتنمية حركة الملاحة فى قناة السويس".
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط فى صندوق النقد الدولى، إن الإجراءات التى قام بها البنك المركزى ساعدت فى تخفيف تدريجى لمعدل التضخم، وذلك من نسبة 33 % إلى حوالى 17 % فقط، متوقعًا أن تصل إلى 13 % بنهاية العام الجارى، حيث مكنت الإجراءات المتبعة البنك المركزى، من تخفيض مستوى الفوائد البنكية مقارنة بارتفاع الفوائد العالمية بنفس الوقت.
وأضاف "أزعور"، ردًا على سؤال لـ "المصدر"، خلال موتمر صحفى عُقد بمقر صندوق النقد الدولى أبريل الماضى، أن الطبقة المتوسطة تأثرت بالإجراءات التى قامت بها الحكومة المصرية، ولكن هذه الطبقة تتحسن أوضاعها بخلق فرص العمل، وتحسن وضع تلك الطبقة مرتبط بتحسن وضع الاقتصاد، فقطاعات أساسية مثل السياحة والتصدير قامت موخرًا بتوفير الوظائف.
وأشار أن هناك تضحية من الطبقة الوسطى بالمرحلة الأولى للإصلاح الاقتصادى، ولكن تدريجيًا مع تحسن الاقتصاد سوف تستفيد منه، مع الإصلاحات الهيكلية التى تقوم بتحسين الحماية الاجتماعية للطبقة الوسطى وتعزيز النمو الاقتصادى.
ومن جانبه، قال لال سوبير، مدير بعثة صندوق النقد الدولى، الأسبوع الماضى، إن مصر تمتلك إمكانات هائلة بفضل تعداد سكانها البالغ حوالى 100 مليون نسمة، وموقعها الجغرافى الذى يُتيح مدخلًا ممتازًا للأسواق الأجنبية المهمة.
وأضاف "لال" أنه على مدار الخمس سنوات القادمة، يتوقع انضمام 3.5 مليون من الشباب إلى سوق العمل، مما سيجعل استيعابهم بمثابة تحد يواجه مصر، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك، فإن النمو القوى فى سوق العمل، خلق فرصة هائلة لتسريع النمو، إذا تمكنت مصر من العمل على خلق قطاع خاص قوى ونشط لتشغيل هذا الجيل من العمالة فى وظائف منتجة.
وأوضح مدير البعثة أنه على مدار عدة عقود سابقة، كان القطاع الخاص فى مصر أقل ديناميكية وأكثر اتجاهًا إلى الخارج، مع وجود نسبة بسيطة من الشركات القادرة على المنافسة خارج السوق المحلية.