أخبار مصر
السيسي يدشن مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع ألمانيا غدا
يدشن الرئيس عبدالفتاح السيسي، غدًا الاثنين، مرحلة جديدة من المشاركة والتعاون الاقتصادي والفني والتقني مع ألمانيا من خلال مشاركته في أعمال القمة التي تنظمها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا تحت شعار "الاستثمار في مستقبل مشترك"، إلى جانب المنتدى الاقتصادي والاستثماري المصري الألماني.
وأوضح السفير بدر عبدالعاطي، سفير مصر لدى ألمانيا، أن زيارة الرئيس السيسي لبرلين ستعطي دفعة جديدة للعلاقات التي أخذت منحى متميزا بين مصر وألمانيا خلال العامين ونصف العام الماضيين، حيث التقى الرئيس السيسي والمستشارة أنجيلا ميركل خلال هذه الفترة ست مرات، كان آخرها مارس الماضي، وهي الزيارة التي شهدت افتتاح ثلاث محطات عملاقة للطاقة الكهربائية تنفذها شركة سيمنز في مصر، كما شهدت اجتماع ممثلي مجتمع الأعمال المصري الألماني، والذي شارك فيه رؤساء كبرى الشركات الألمانية الذين يرافقون المستشارة الألمانية خلال زيارتها لمصر، بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال المصريين، كما شهدت تقاربا في وجهات نظر البلدين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة.
وأشار السفير عبدالعاطي، إلى أن هذه التطورات ساعدت على تطور وتنامي أطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات، فضلا عن التنسيق والتعاون الوثيق بشأن التحديات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ما أحدث طفرة نوعية في العلاقات المصرية الألمانية لتستند لأول مرة على أسس حقيقية وواقعية، حيث أدرك الجانبان أن هناك احتياجًا مشتركًا كل منهما للآخر، حيث تحتاج مصر إلى الاستثمارات والسياحة الألمانية إلى جانب توطين التكنولوجيا والمساعدة في التعليم الفني وبرامج التدريب وتأهيل الأيدي العاملة، بينما تحتاج ألمانيا مصر كداعم للاستقرار في المنطقة وكخط دفاع أول ضد الإرهاب.
وقال إن أوروبا بشكل عام وألمانيا بوجه خاص بدأت تشعر بقلق شديد من تدفق اللاجئين والمهاجرين خاصة من القارة الأفريقية للذين يبحثون عن فرص لحياة أفضل، وتزايدت هذه المخاوف مؤخرا بعد أن أصبحت ليبيا نظرًا لحالة عدم الاستقرار الضاربة فيها معبرا للاجئين الأفارقة القاصدين أوروبا، مما زاد من نشاط شبكات الإتجار بالبشر، ومن هنا ترى ألمانيا أن مصر يمكن أن تشكل خط دفاع أيضا لحمايتها من الهجرة غير المشروعة سواء بمنع هذه الهجرات ومراقبة المنافذ البحرية، أو عن طريق مواصلة جهودها البناءة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا لقطع الطريق أمام شبكات الإتجار بالبشر.
وأكد أنه أصبح هناك إدراك في ألمانيا بأن مصر أصبحت طرفا أساسيا للحفاظ على الاستقرار في حوض البحر المتوسط ومنطقة شمال أفريقيا وهي المنطقة الجنوبية لأوروبا، والدليل على هذا الإدراك تكثيف الاتصالات بين الزعامتين في البلدين، وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وأضاف أن هذه العلاقات اتسمت أيضا بالتنوع فلم تعد تقتصر فقط على الجوانب السياسية والأمنية، وإنما امتدت إلى المجالات التجارية والاستثمارية والتقنية والتدريب، حيث تم الاتفاق لأول مرة على تنفيذ برنامج متكامل للتعاون في مجال التعليم الفني والتدريب المهني، كما زار وزير الزراعة الألماني مصر للمرة الأولى، حيث بحث نقل التقنيات الألمانية المتقدمة في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني للمساعدة لسد الفجوة الغذائية في مصر، كما أقامت شركة سيمنز في مصر أكبر مركز تدريب في مجال الطاقة، وكذلك أكبر مركز لصيانة التوربينات وتلقى التدريب فيه حتى الآن ٦٠٠ مهندس مصري.
وأشار السفير عبدالعاطي، إلى مشروع مصر الطموح لإنشاء وكالة لعلوم الفضاء، وقال إن ألمانيا يمكن أن تقدم مساعدات وخبرات مهمة في هذا المجال، مما يعني أن التعاون لم يعد قاصرا على القضايا السياسية والأمنية، رغم أهمية التعاون الأمني حيث تم لأول مرة توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين لتدريب قوات الأمن المصرية على مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، كما عقدت في مايو الماضي، لأول مرة جلسة مشاورات رسمية لمكافحة الإرهاب.
وتوقع السفير زيادة حجم السياحة الألمانية لمصر خلال الفترة المقبلة، وقال إن ألمانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي لم تتخذ أي إجراء عقابي يتعلق بحظر السفر إلى مصر بعد حادث الطائرة الروسية، مشيرا إلى أن ٤٠٠ ألف سائح ألماني زاروا مصر من يناير حتى مايو ٢٠١٧، وزارها في أبريل الماضي، وحده مائة ألف سائح، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي عدد السائحين الألمان في مصر مليون سائح بنهاية العام الحالي.
وأكد أن الجانب الألماني أصبح للمرة الأولى مقتنعا بالطرح المصري فيما يتعلق بأفكار الإرهابيين وسبل مواجهة الإرهاب ووقف تمويله، وأن ما تقوم به مصر من وقف أنشطة الإرهابيين في ليبيا هو في مصلحة ألمانيا، وقال إن الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي في قمة الرياض حول الإرهاب كانت بمثابة خطة عمل واضحة لمكافحة الإرهاب، كما أن زيارة شيخ الأزهر لألمانيا مرتين خلال العام الحالي وجهود الأزهر لمكافحة الفكر المتطرف تلقى تقديرا في ألمانيا، كما لقيت مبادرة شيخ الأزهر بتقديم منح لتدريب أئمة المساجد في ألمانيا بالأزهر لتبني الإسلام الوسطي والابتعاد عن الأفكار المتطرفة تقديرا كبيرا.
وفيما يتعلق بمشاركة الرئيس السيسي بالقمة المصغرة التي دعت إليها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للشراكة في أفريقيا، كشف السفير المصري بأن الرئيس السيسي سيشارك ضمن مجموعة من رؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية الرائدة تضم تونس والسنغال وغانا وغينيا وكوت ديفوار ومالي والنيجر ورواندا، بالإضافة إلى رؤساء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي.
ويلقي الرئيس أمام القمة كلمة حول الرؤية المصرية للتحديات التي تواجهها القارة الأفريقية كما سيشارك الرئيس السيسي في جلسة نقاشية مع الزعماء الأفارقة بدار المستشارية الألمانية تستضيفها المستشارة ميركل حول الاستثمار الخاص في قطاع البنية التحتية في أفريقيا وعلاقات الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام في تطوير مشروعات البنية التحتية في القارة، حيث سيلقي مداخلة قي هذه الجلسة، ويشارك في مائدة مستديرة حول الاستثمار الخاص في البنية التحتية بالدول الأفريقية، فضلا عن عدد من رؤساء الشركات الألمانية في ذات الجلسة من بينهم رئيس شركة سيمنز جو كيزر الذي سيركز على مشروعات الشركة في مجال الطاقة في مصر كنموذج يحتذى به للشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص المصري.
وأوضح أن مصر يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في دفع التجارة والاستثمارات الألمانية في القارة الأفريقية، باعتبارها بوابة لأسواق أفريقيا، كما تربطها بالدول الأفريقية اتفاقيات في إطار التجمعات الاقتصادية الثلاث، إلى جانب كون مصر ذاتها موقعا جاذبا للاستثمارات خاصة بعد صدور قانون الاستثمار الجديد، مشيرا إلى وجود فرص واعدة أمام الشركات الألمانية للاستثمار في مصر، مع تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة خاصة في محور قناة السويس، ومؤكدا أن أعلى نسبة ربحية للشركات الألمانية في العالم تحققها في مصر بما يصل إلى ٣٥ %.
وعن برنامج الزيارة، قال عبد العاطي إن الرئيس السيسي سيشارك في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي المصري الألماني، وسيشهد التوقيع على محضر أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، ويستهدف المنتدى تعزيز التعاون الاستثماري المشترك وإقامة المزيد من المشروعات المصرية الألمانية التي تصب في مصلحة البلدين، إضافة إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصري حاليا.
كما تتضمن الزيارة جانبا ثنائيا مكثفا في ضوء خصوصية العلاقات الثنائية المصرية الألمانية وتطوراتها الإيجابية الملحوظة خلال الفترة الأخيرة، حيث سيكون الرئيس السيسي أول رئيس تستقبله المستشارة الألمانية بدار المستشارية لعقد مباحثات ثنائية موسعة وهي المباحثات التي ستتطرق إلى مختلف مجالات العلاقات الثنائية في مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وأضاف أن الرئيس سيستقبل بمقر إقامته في برلين عددا من وزراء الحكومة الألمانية من بينهم نائب المستشارة الألمانية ووزير الخارجية زيجمار جابرييل ووزيرة الاقتصاد والطاقة بريجيتا تسيبريس ووزير التعاون الاقتصادي والأنمائي جيرد مولر، فضلا عن وزير الداخلية توماس دي ميزيير وزعيم الأغلبية البرلمانية في البوندستاج فولكر كاودر.
وكان المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قال إن زيارة الرئيس السيسي لألمانيا تمثل دفعة كبيرة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه من المقرر أن يشهد الرئيس فعاليات منتدى الأعمال المصري الألماني المشترك لإيجاد حوار بناء بين الشركات المصرية ونظيرتها الألمانية.
وأضاف أن الزيارة ستشمل عقد اجتماعات اللجنة الاقتصادية المصرية الألمانية المشتركة برئاسة كل من وزير التجارة والصناعة المصري ووزير الدولة للاقتصاد والطاقة الألماني، حيث من المقرر أن يشهد الرئيس السيسي التوقيع على المحضر النهائي للجنة، والذي يشمل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين فيما يتعلق بالسياسات التجارية والصناعية، وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتبادل الحوار الاستثماري، والتعاون في مجالات الزراعة والغذاء والطاقة والبنية التحتية والسياحة.
وبشأن تطورات العلاقات الاقتصادية المصرية الألمانية، أوضح الوزير أن العلاقات التجارية بين البلدين تشهد حاليًا زخمًا كبيرًا، ونقلة نوعية في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري العام الماضي خمسة مليارات و٥٦٧ مليون يورو بزيادة ١٠% عن عام ٢٠١٥، كما بلغت الاستثمارات الألمانية في مصر حتى يناير الماضي، نحو ٢ر٦١٩ مليون دولار في قطاعات المواد الكيماوية وصناعة السيارات والاتصالات والحديد والصلب والبترول والغاز والأدوات الصحية ومكونات السيارات، حيث تحتل ألمانيا المركز العشرين في قائمة الدول المستثمرة في السوق المصرية.