سياحة و طيران
"الخارجية المصرية".. الدور المطلوب لعودة السياحة
تعانى السياحة فى مصر من أزمات و كوارث متلاحقة ، لاتزال تضرب بأوصالها فى صميم الإقتصاد المصرى ،ولاتزال موارد النقد الأجنبى من هذا القطاع تعانى من الندرة الملحوظة منذ سنوات عديدة ، خاصة وأن روسيا وبريطانيا اللتين تعدان أحد أهم مصادر السياحة ، لا تزال تحظرشركات الطيران من إستئناف رحلاتها الى مصر، وتحذر من سفر مواطنيها الى الغردقة وشرم الشيخ .
الأزمة الحالية ، بدأت وتيرتها تتزايد منذ سقوط الطائرة الروسية فى شرم الشيخ عام 2015 ، إلا أن جميع جهود تنشيط السياحة من الخارج لم تقم بشىء يذكرحتى الأن ، يساهم أو يساعد فى تخفيف حدة الكارثة ، التى كبدت العاملين فى المجال وأصحاب الفنادق والقرى السياحية بالخسائر الفادحة ، ومايزال بعضهم يعمل دون كلل ، إنتظارًا وإيمانًا أن الإنفراجة قد تأتى دون حسبان أو موعد محدد .
حادث الطائرة الروسية قد يكون القشة التى قسمت ظهر البعير، خاصة وأن السياحة كانت تعانى قبل ذلك من ضعف الإقبال ، بعد التقلبات السياسية والثورات التى شهدتها البلاد فى الأونة الأخيرة ، لكن الخضوع للواقع الحالى ، مثل - البكاء على اللبن المسكوب - لن يعود منافع ، ولن يجدى دون التطرق الى أليات العمل و مكاشفة الذات ومعرفة أوجه القصور الحالية من جانب مؤسسات الدولة الرسمية فى ملف عودة السياحة .
فى الوقت الذى لاتزال اغلب موسسات الدولة ، تعانى من أمراض البيروقراطية المصرية ، التى راحت عدواها ، تنتقل من مؤسسة الى اخرى طوال العقود الماضية ، بالإضافة الى الروتين والاهمال والتفكير النمطى ، وهو ما ضرب عدد المؤسسات القائمة على ملف ترويج و تنشيط السياحة المصرية بالخارج ، وعلى رأسها وزارة السياحة ممثلة فى هيئة التنشيط السياحى ، والهيئة العامة للاستعلامات .
شروط المنتج السياحى الجيد والجذاب تتوفر بالفعل فى مصر، سواء المناطق الأثرية القديمة والشواطىء الخلابة ، وسياحة السفارى والسياحة العلاجية ، وتسلق الجبال و السياحة الدينية ، وغيرها ، وهو ما يسهل على الهيئات والمؤسسات الرسمية القيام بدورها دون عناء ما تتكبده الدول الأخرى فى تنشيط المنتجات السياحية الغير متوفرة بها من الأساس .
لم تقم الهيئات والمؤسسات الرسمية حتى الأن بدورها المطلوب فى إعداد البرامج الترويجية الذكية – إن صح التعبير – سواء من الحملات الإعلامية الفعالة والاعلانية المتنوعة ، وأدوات الجذب والترويج غير المباشر ، سواء الأعمال السينمائية أو الدرامية والتليفزيونية ، مرورا بالأفلام الوثائقية والتسجيلية ، و التقاريروالتحقيقات الصحفية والنشرات الإعلانية المدعومة بالصور والمواد المكتوبة .
من المفترض أن ما تملكه هيئتى "التنشيط السياحى" و "الإستعلامات " من كوادر وخبرات متراكمة عبر الملحقين الإعلاميين والثقافيين ، الى جانب شركات السياحة ، أن تقوم تفعيل البرامج فى الدول المستهدفة وتوضيح دور مصر فى مكافحة الإرهاب ، وأن تجنى ثمارها وتحقق نتائج عاجلة مع روسيا وبريطانيا ، بالتوازى مع المكاسب السياسية التى حققتها مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى ، مما مكنها من إستعادة مكانتها فى السياسة الخارجية .
لكن الفترة الماضية تعد كفيلة بالحكم على هيئة تنشيط السياحة والهيئة العامة للإستعلامات بفشلهما فى إدارة ملف عودة السياحة ، ، لكن من الأجدر أن ينتقل هذا الملف الحيوى والهام الى وزارة "الخارجية "، وأن يتولى سفرائها ومسئوليها البدء فى إدارة هذا الملف .
وأطالب السفير سامح شكرى وزير الخارجية المصرى ، بإنشاء إدارة مختصة بملف عودة السياحة من الخارج ، بما ينعكس على الإقتصاد المصرى ، وأن تشرف تلك الهيئة على ما تفعله الهيئات الحالية ، دون إلغاء دورها ، لكن الإدارة الجديدة بالخارجية قد تساعد فى الإشراف الفعلى و تحريك المياه الراكدة بالفعل فى هذا المجال ، بما تحمله الدبلوماسية المصرية من حنكة و قدرة على التفاوض وأدوات الضغط و هو ما تزخر به مؤسسة الخارجية المصرية