دولى وعربى
أبو الغيط: نصف شعب سوريا مشرد
قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الجامعة هي المنبر الأنسب للبحث عن حلول لمختلف القضايا والتحديات التى تواجهها المنطقة.
ووجه أبو الغيط خلال كلمته فى الجلسة الافتتاحية للأسبوع العربى للتنمية المستدامة الذى تستضيفه القاهرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، الشكر إلى الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى على ما قدمته من دعم خلال التحضير لهذا الحدث الهام كما توجه بالشكر لمجموعة البنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الانمائى لمساهمتهما الفعالة فى إنجاح هذا الأسبوع وإخراجه بالشكل اللائق.
وقال أبو الغيط إن هذا الأسبوع يسلط الضوء على التحديات التي تشغل المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، ويرسم خارطة طريق للشراكة والتعاون بين مختلف الفاعلين على الساحة من حكومات ومؤسسات دولية ومنظمات مجتمع مدني وقطاع خاص من أجل تنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة في هذه المنطقة من العالم التي تواجه تحديات خطيرة ومُعقدة تُهدد الحاضر والمُستقبل وتُنذر بعقدٍ ضائع في عُمر التنمية العربية بكل ما ينطوي عليه ذلك من تكلفة إنسانية مروعة، وما يُرتبه من آثار مُجتمعية مُخيفة.
ولفت أبو الغيط إلى أن هناك ثلاثة حروب أهلية تدور رحاها في العالم العربي، كان من نتيجتها أن صارت كل جهود التنمية الإنسانية والنمو الاقتصادي في عدد من الدول في مهب الريح، علمًا بأن هذه الجهود كانت تواجه – من الأصل- تعثرًا وتذبذبًا في زمن تماسك المُجتمعات، مستطردا: "فما بالنا وقد تمزق نسيج بعض الدول، وتفشت فيها الصراعات والنزاعات بصورةٍ لا نعرفُ لها مثيلًا أو شبهًا في التاريخ العربي الحديث".
وأشار إلى أن نصف الشعب السوري مُشردٌ، في داخل سوريا أو خارجها، وليبيا، التي كان سُكانها يتمتعون بمستوى معيشي مُرتفع، لم يعد فيها سوى أربعة مستشفيات فقط تقوم بوظائفها بنسبة 75%، من بين 98 مستشفى شملها مسحٌ أجرته الأمم المتحدة مؤخرًا. أما اليمن فيواجه تفشيًا مُحتملًا لوباء الكوليرا، ويعيش 19 مليونا من أبنائه من دون مياه شُرب مأمونة أو صرف صحي. والقائمة طويلة، وتبعث على الأسى الشديد، وتُنذر بما هو أصعب وأخطر.
وأكد أبو الغيط أن المنظومات الصحية والتعليمية، وهي عماد التنمية الإنسانية، تتعرض للتآكل والتدمير في بُلدان النزاع. وفي دول تصل نسبة الشباب فيها إلى أكثر من 60% من السُكان، فإن تلك الأوضاع سوف تُفضي للأسف إلى تفشي الصراعات بين مُكونات المُجتمع على أسس عرقية وطائفية، وتصاعد في ظواهر التطرف الديني والسياسي وانتشار لأيديولوجيات العُزلة عن المُجتمع، بخاصة في فئة الشباب، بما يُقوض السلم الأهلي ويُدخل المجتمعات في دائرة مُغلقة من العُنف والاحتراب.
وشدد أبو الغيط على أنه لا خروج من هذه الدائرة سوى بالاستمساك بأهداب الأمل، والتحرك بشكل إيجابي وشجاع من أجل مواجهة الواقع مهما كلفتنا هذه المواجهة من جهد وعرق، أو كبدتنا من تضحيات وآلام.
كما أكد أن الانخراط في إعادة البناء هو الخيار الوحيد المُتاح أمام الأمم التي تواجه النوازل وتعصف بها الأزمات. مستطردا: "وكم من أمةٍ نزل بها الدمارُ، وحل بها الخرابُ ثم ما لبثت أن انتفضت من جديد بإرادة أبنائها".
وتابع: "يُخطئ من يظُن أن دولنا العربية واهنة الإرادة أو أنها تنقصها العزيمة والإصرار على مُجابهة التحدي، والخروج من دائرة اليأس. فإرادة البقاء والسعي إلى عُمران الأرض مغروسة في وجدان الإنسان العربي. إلا أن ما ينقصنا هو برنامج العمل، والخطة الشاملة، والأداء المتواصل المُثابر عبر فترةٍ زمنية طويلة. فالخروج من المأزق الراهن لن يكون في عام أو اثنين، وإنما هو مشوارٌ طويل عنوانه الصبرُ والعمل المُشترك المتضافر ومحبة الأوطان والتضحية من أجلها".
وأشار أبو الغيط إلى أن أحداث وتطورات السنوات المُنصرمة تُمثلُ فُرصةً نادرة لمراجعة الذات وإعداد كشف حساب دقيق بشأن أفضل السبل للخروج من هذه الأزمة الطاحنة أو الانتكاسة التنموية. مؤكدا أنه لا سبيل لاستعادة التوازن ولملمة شتات المُجتمعات سوى بالتعاضد والتنسيق بين الدول العربية. فالكوارثُ لن تقف عند حدود الدول المأزومة. والعالم العربي قادرٌ، بإمكانياته وطاقاته الكامنة، على الاضطلاع بدور محوري في مُعالجة هذه الانتكاسة، وتخفيف وطأتها على المُجتمعات التي تُعاني الأزمات الإنسانية الطاحنة، بل وتهيئة الأوضاع للنهوض وإعادة الإعمار من أجل العودة تدريجيًا إلى مسار النمو الاقتصادي وتحصيل ما فات.
وأضاف: "لقد أبرزت هذه الأحداث حاجة العالم العربي إلى تضافر جهود منظمات العمل العربي المشترك وتوفير متطلبات فاعليتها في مجالات تخصصها والانتقال بها من التنسيق بين أنشطتها إلى العمل المشترك لتنفيذ مشروعات حيوية للمنطقة العربية، وهو ما يمثل أحد المنطلقات التي أرست عليها الأمانة العامة أسس خطتها لدعم وتنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة في المنطقة العربية وذلك بالتعاون والشراكة مع المنظمات العربية المتخصصة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إلا أن هذه الجهود والأنشطة والانجازات لن تصل إلى المواطن العربي ولن يتم إعلامه بها ما لم ترافقها استراتيجية إعلامية متكاملة وهو ما يتطلب دعم وتطوير الجانب الإعلامي لمنظومة العمل العربي المشترك".
وأكد أن هذا الأسبوع يأتي ليضيء شمعة على الطريق الطويل نحو التنمية الذي علينا السير فيه رغم كل الظروف التي تمر بها المنطقة العربية من تحديات أمنية وعسكرية، وتهديدات إرهابية وعنف مُسلح.
كما أكد أن التحدي الأكبر والهم الأعظم يظل مرتبطًا بالتنمية بمعناها الشامل، ذلك أن إنجاز وعد تنمية المجتمعات العربية وتحديثها وتأهيلها للحاق بعصرها هو الكفيل بتمكين الدول العربية من مُجابهة كافة التحديات الأخرى على المدى الطويل.
وشدد على أن جامعة الدول العربية أدركت مبكرا محورية خطة التنمية المستدامة في تجاوز كافة التحديات التي تعيشها المنطقة فعبرت في أكثر من موقف عن تمسكها والتزامها بتنفيذها في المنطقة العربية خاصة في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد تتطلب الكثير من تضافر الجهود للتغلب عليها. بل وذهبت الأمانة العامة إلى أبعد من ذلك حيث أنشأت اللجنة العربية للتنمية المستدامة التي تعتبر خطوة أولى من طريق طويل وشاق يؤسس لعمل عربي مشترك في مجال التنمية المستدامة، وينفتح على التجارب الدولية والإقليمية الأخرى للاستفادة منها وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة.
ولفت إلى أن الشراكة الدولية تشكل عاملا أساسيا في تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030، مؤكدا الدور الحاسم للمجتمع الدولي في توفير موارد مالية جديدة وإضافية وكافية لمساعدة الدول الفقيرة في تنفيذ خططها كما أن تسهيل نقل التقنية، وبناء القدرات للدول النامية كفيل بالمساعدة في التحول إلى مسار تنمية أكثر استدامة. مشددا على أن المساعدة الإنمائية الرسمية تبقى مصدرًا هامًا من مصادر التمويل العام لغالبية الدول العربية، ولا سيما الدول التي تفتـقر إلى مصادر أخرى للدخل، لذا فإنه يتوجب على الدول المتقدمة الإيفاء بالتزاماتها بشأن تقديم المساعدة الإنمائية الرسمية وفقا لما جاء في خطة عمل أديس أبابا، لمساعدة هذه الدول على رفع قدراتها، وتمكينها من استخدام التكنولوجيا في مواجهة تحديات التنمية.
وانطلقت صباح اليوم، فعاليات الأسبوع العربى للتنمية المستدامة التى تستمر حتى الأربعاء المقبل تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبحضور أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية والدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، ومراد وهبة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، مدير المكتب الإقليمى للدول العربية - برنامج الأمم المتحدة الإنمائى وعدد من الوزراء بالدول العربية.