بترول وطاقة
"أوبك": السكان الأغنى في الدول الأعضاء يستحوذون على 40% من دعم المنتجات
قالت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوبك" إن فئات السكان الأعلى دخلًا في الدول الأعضاء تستحوذ على أكثر من 40% من حجم دعم المنتجات النفطية، موضحةً أن سياسات دعم الطاقة حققت نتائج إيجابية في بداياتها إلّا أن بعض المظاهر السلبية ظهرت مع مرور الوقت.
وأضافت في افتتاحية نشرتها الشهرية التي صدرت اليوم الأحد، أن السياسات الاقتصادية المطبقة في معظم الدول الأعضاء بالمنظمة تتميز بتركيز الاهتمام على دعم السلع الأساسية، وعلى وجه الخصوص دعم الطاقة؛ حيث يتم توفيرها بأسعارٍ مقبولة للمواطنين وللمؤسسات والشركات المحلية.
وأوضحت "أوبك" أن ذلك يأتي ضمن مساعي الدول الأعضاء لتحقيق الرفاهية لمواطنيها، وتجنيبهم الآثار السلبية للتقلبات في أسعار الوقود والمشتقات البترولية من جهة، ولمساعدة المنتجين المحليين على خفض تكاليف الإنتاج خصوصًا في القطاعات الصناعية وبما يعود بالفائدة على المستهلك النهائي من جهةٍ أخرى.
ولفتت إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن إجمالي حجم دعم الطاقة في الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" قد بلغ نحو 278,8 مليار دولار خلال عام 2011، واستحوذ إجمالي دعم الطاقة قبل الضرائب لمجموعة دول "أوبك" نحو 178 مليار دولار، بينما استأثر الدعم الضريبي نحو 100 مليار دولار، في حين نال دعم المنتجات النفطية والكهرباء حصة كبيرة من إجمالي دعم الطاقة في دول "أوبك".
وأشارت "أوبك" إلى أن دراسة صادرة عن الأمانة العامة للمنظمة بعنوان "سياسات دعم الطاقة في الدول الأعضاء وانعكاساتها على الاقتصادات الوطنية"، قد نوّهت إلى أن سياسات دعم الطاقة حققت العديد من النتائج الإيجابية في بداياتها، إلّا أنه ومع مرور الزمن ظهرت بعض المظاهر السلبية خصوصًا على صعيد التزايد الكبير والمتسارع في معدلات الاستهلاك المحلي من الطاقة التي تعد من أعلى النسب عالميًا.
وذكرت أن ذلك يعود بشكلٍ رئيس إلى الزيادة السريعة في عدد السكان، وما أدت إليه من ارتفاع في عدد المدن، والتجمعات السكانية، والطرق، ومحطات الطاقة الكهربائية، والبنية التحتية بشكلٍ عام، ونتيجة للآلية الحالية في تطبيق دعم الطاقة؛ حيث استفاد منها أصحاب الدخول المرتفعة بدرجةٍ أكبر من محدودي الدخل.
ولفتت "أوبك" إلى دراسة لصندوق النقد الدولي جاء فيها أن الفئات الأعلى دخلًا، وهي الأقل تعدادًا، تستحوذ على أكثر من 40% من حجم دعم المنتجات النفطية، مشيرةً إلى أن سياسة دعم الطاقة ساعدت على نمو الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بدلًا من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ما تسبب في انخفاض كفاءة الطاقة وتزايد العبء على المالية العامة للدول الأعضاء.
ولفتت إلى أن الأسعار المخفضة للوقود ساهمت في تدني العائدات على الاستثمار في قطاعي البترول والكهرباء، وأثرت بصورةٍ كبيرة على تدني حجم الاستثمارات في قطاع الطاقات الجديدة والمتجددة، وفي تزايد الحوافز الدافعة لتهريب الوقود من الدول الداعمة للوقود إلى الدول المجاورة.
وأضافت "أوبك" أنه في ظل ما يمر به الاقتصاد العالمي والسوق النفطية العالمية من تطورات كبيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط، وما أدى إليه من تحديات اقتصادية كبيرة على الدول المصدرة للنفط والغاز، ومن بينها الدول الأعضاء في منظمة "أوبك"، فقد أعلنت معظم الدول الأعضاء إجراء مراجعة شاملة على سياسات دعم الطاقة المطبقة لديها.
وأوضحت أن هذه المراجعة تهدف إلى كبح جماح استهلاك الطاقة المحلي، وضمان عدم انحراف سياسات دعم الطاقة عن الأهداف المرسومة لها، ولمعالجة الأعباء المتزايدة على الميزانيات العامة.
وأضافت "أوبك" أنه في الآونة الأخيرة كان هناك اهتمام كبير لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بقضية إصلاح سياسات دعم الطاقة في دول "أوبك"، وظهرت العديد من الآراء المؤيدة والمعارضة لتلك التوجهات.
وأوضحت "أوبك" أنها وهي تتابع عن كثب التطورات على صعيد الصناعة البترولية العربية والدولية تثمن ما تقوم به الدول الأعضاء في هذا الشأن، وترى أن الاستمرار في تطبيق برامج دعم أسعار الطاقة على هيئتها الحالية، والمتمثلة في برامج الدعم المعممة، لن يؤدي إلى مساعدة شريحة محدودي الدخل المستهدفة من هذه البرامج، وقد تعوق فرص تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام من جهة، والوصول إلى مستوى الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية من جهةٍ أخرى.
وأضافت أنه لكي تنجح مساعي الدول الأعضاء نحو إصلاح الدعم، ينبغي لها التخطيط بعناية والتأكد من عدم تأثير سياسات الإصلاح على شريحة ذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال انتهاج استراتيجيات واضحة المعالم والأهداف، يتم خلالها تقييم أثر الإصلاحات وتصميم التدابير اللازمة لتخفيف الآثار السلبية لتلك السياسات، وإعادة تخفيض الوفورات الناتجة عن تلك الإصلاحات لأوجه بناء الدعم العام.