استثمار
"المصدر" تنشر كلمة السيسي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني المشترك
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم، بيوسكا تاكاجي، نائب وزير الاقتصاد والصناعة والتجارة الياباني، وعقب اللقاء حضر الرئيس الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي الذي ينظمه مجلس الأعمال المصري الياباني المشترك، بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة اليابانية والمنظمة اليابانية للتجارة الدولية، وذلك بحضور نائب وزير الاقتصاد والصناعة والتجارة الياباني، وعدد كبير من رجال الأعمال المصريين واليابانيين.
وألقى الرئيس كلمة في منتدى الأعمال، هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور الكريم
يطيب لي في مستهل كلمتي، أن أعرب عن خالص سعادتي بالتحدث إليكم اليوم فى أول زيارة رسمية لي إلى اليابان أمام هذا الجمع الكريم من أبرز الفاعلين في العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية من القطاعين العام والخاص ومن قلب طوكيو التى تعد من أهم مراكز صناعة القرار الاقتصادي في العالم.
إن اليابان كانت ولا تزال نموذجًا اقتصاديًا ملهمًا للعديد من الدول النامية، حيث نجحت فى عبور تحديات جمة بعد الحرب العالمية الثانية وتحولت إلى معجزة اقتصادية استنادًا إلى رأسمالها البشري وجمعت ما بين التقدم المادي والرقي الإنساني، وحرصت على العدالة وتوزيع الثروة بين مواطنيها بمعالجة عدد من سلبيات النظام الرأسمالي، وغرست فى مواطنيها حب الوطن وتقدير قيمة العمل الجماعي، والتواضع من أجل أهداف سامية.
ويشهد التاريخ على تميز العلاقات المصرية اليابانية التي تمتد لأكثر من 150 عامًا، حيث أوفدت اليابان بعثة رفيعة المستوى عام 1862 لدراسة تقدم الأمم المختلفة حول العالم، وتوقفت آنذاك فى مصر للاطلاع على تطورنا في ذلك الوقت في العديد من المجالات، ولا تزال صورة الساموراى أمام الأهرامات شاهدة على هذا التواصل الإنساني الذي نعتز باستمراره حتى الآن.
ولقد شهدت العلاقات المصرية اليابانية تطورًا إيجابيًا ملحوظًا، خلال العام الماضي، تمثل فى العديد من الزيارات الحكومية المتبادلة، كان أبرزها زيارة رئيس الوزراء "آبــي" للقاهرة في يناير 2015، إضافة لزيارات مكثفة من القطاع الخاص فى البلدين، حيث اكتسبت العلاقات الثنائية قوة دفع ينبغي استثمارها لزيادة الاستثمارات ومعدلات التبادل التجاري، وتأتي زيارتي الحالية لليابان تفعيلًا لاستراتيجية الحكومة المصرية بالانفتاح على أبرز شركائها الدوليين وتنويع شبكة علاقاتها الخارجية فى جميع المجالات.
السيدات والسادة
إن شعب مصر نجح فى إعادة بناء كافة مؤسسات الدولة الدستورية والديمقراطية، وبدأ مجلس النواب الممثل لكافة أطياف الشعب المصري في تأدية مهامه ممتلكًا صلاحيات واسعة تمكنه من الرقابة على أداء الحكومة.
وبذلك، تكون مصر قد نجحت فى إرساء أحد أهم نماذج التحول الديمقراطى فى منطقتها، رغم ما نواجهه من تحديات، وقد نجحت الحكومة فى استعادة هيبة الدولة وتماسك مؤسساتها فى مواجهة الإرهاب والتطرف، مما أدى إلى فرض الأمن والاستقرار وساعد على استعادة الاقتصاد لعافيته وتوفير مناخ آمن للاستثمارات المحلية والأجنبية.
ومن جانب آخر، بدأت الحكومة فى تنفيذ برنامج شامل للتنمية المستدامة حتى عام 2030 يهدف إلى جذب الاستثمارات، وتشجيعها للعمل فى مناخ آمن ومستقر وذلك من خلال النظر فى كافة التشريعات المتعلقة بالاستثمار، وهو ما توج بإصدار قانون جديد موحد للاستثمار والعديد من القوانين الأخرى إضافة للمضي قدمًا فى إجراءات جادة للقضاء على البيروقراطية والخروج عن الأنماط التقليدية فى العمل والإدارة والبحث عن الأفكار الخلاقة والمبتكرة وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فى تنفيذ خطة الحكومة للنهوض بالاقتصاد.
وكانت إشادة المؤسسات الدولية خير برهان على التطور النوعي فى أداء الحكومة المصرية فتحسنت مؤشرات الاقتصاد المصري، وارتفع تصنيف مصر الائتماني بشهادة تقارير المؤسسات الدولية، وهو ما ساهم أيضًا فى نجاحنا مؤخًرا فى تحويل مصر إلى دولة عمليات فى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وما يعنيه ذلك من فتح نافذة جديدة لتمويل المشروعات فى مصر ويعكس إقرارًا دوليًا من كافة الدول الأعضاء فى مجلس إدارة البنك بسلامة مسار التحول السياسي والاقتصادي فى مصر.
كما أطلقت مصر عددًا من المشروعات التنموية العملاقة لتكون قاطرة للتنمية، وفى مقدمتها افتتاحنا فى أغسطس 2015 لقناة السويس الجديدة، والتي مثلت تجسيدًا عمليا لثقة المواطن المصرى فى حكومته بشراء المصريين شهادات استثمار بنحو 8.6 مليار دولار فى ثمانية أيام لتوفير التمويل اللازم للمشروع إضافة لتعبيرها عن قدرة الإنسان المصري على العطاء، وتنفيذ مشروع ضخم فى عام واحد فقط، وفي الموعد المحدد محققًا معدلات إنجاز غير مسبوقة ليقدم هدية من مصر للعالم.
وكانت نظرتنا لقناة السويس الجديدة تتعدى إقامة مجرى مائي إضافي للسفن فقط، فأعلنا البدء في إقامة مشروع للتنمية بمنطقة قناة السويس، سيشمل العديد من مشروعات البنية التحتية في مختلف القطاعات تم إعداد دراسات الجدوى الخاصة بها وسيمثل فرصًا واعدة للشركات اليابانية ليس فقط للمساهمة في مشروعات البنية التحتية، وإنما أيضًا كمركز عالمي للإنتاج وإعادة تصدي المنتجات اليابانية إلى مختلف دول العالم.
كما نعكف على عدد من المشروعات الهامة الأخرى مثل مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروع استصلاح مليون ونصف المليون فدان، والذي يهدف لإقامة مجتمعات تنموية وعمرانية متكاملة، والعديد من مشروعات البنية التحتية خاصةً فى قطاع الطاقة التقليدية والمتجددة، فضلاً عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة وفقا لأعلى المعايير الدولية.
السيدات والسادة
إن مصر تشهد ثورة اقتصادية حقيقية وعصرًا تنمويًا جديدًا، وتتطلع لتعزيز التعاون مع شركائها وأصدقائها حول العالم، وعلى رأسهم اليابان التي نعتبرها شريكًا رئيسيًا وصديقًا نعتمد على دعمه، بما يعود بالنفع على الجانبين.
إن مصر تسعى لشراكة حقيقية مع اليابان تكون فيها اليابان بقطاعيها العام والخاص داعمة للنهضة التنموية في مصر وتقدم فيها مصــر فرصًا مميــــزة للقــطاع الخاص الياباني.
وفى هذا السياق، أود التأكيد على أهمية التعاون من أجل توفير التمويل اللازم للاستثمارات اليابانية فى مصر، كما أنني أدعو الجانبين المصري والياباني لتكثيف مباحثاتهما خلال الفترة القادمة من أجل تيسير نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق اليابانية.
وقد شهدت الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى قطاعات هامة فى مقدمتها الكهرباء والطاقة المتجددة والنقل وقطاعات حيوية أخرى تتويجاً للزخم الذى تشهده العلاقات الثنائية.
السيدات والسادة
تدرك الحكومة المصرية وجود بعض المعوقات المؤقتة التي واجهت الشركات الأجنبية فى مصر مؤخرًا ومن بينها الشركات اليابانية، غير أنني عازم خلال الفترة القادمة على الاستمرار فى متابعة هذه المعوقات مع الحكومة وإيجاد حلول سريعة ومستدامة لتلك المشكلات فى إطار خطة الحكومة لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وبما يدعم مساهمة الاستثمارات الأجنبية فى المشروعات العملاقة التي تنفذها مصر فى الوقت الحالي.
وأتطلع إلى النتائج الإيجابية التى سيتوصل إليها اجتماعكم اليوم واضطلاع مجلس الأعمال المصري الياباني بمسئولياته وتقديم اقتراحات عملية لزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري وتحقيق التواصل المستمر المنشود بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين لدفع العلاقات الثنائية الاقتصادية إلى آفاق أرحب تتناسب مع طموحات الشعبين.
شكراً لكم على حسن الاستماع