أسواق
"بلومبيرج": الإنفاق الاستهلاكى المحرك الجديد للاقتصاد الألماني
قالت وكالة "بلومبيرج" إن الاقتصاد الألماني بدأ يشهد بعض التغيرات، بعد معاناته لفترة من الوقت من فشل الأجور الحقيقية فى مواجهة مكاسب الإنتاجية، ففي ظل انخفاض معدلات البطالة لأدنى مستوى على الإطلاق فى الدولة، يتوقع المحللون أن يصبح المحرك لأكبر اقتصاد فى أوروبا هو الإنفاق الاستهلاكى بدلا من الصادرات.
وقال هانز فيرنر سين، رئيس معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية، "سيزداد معدل الاستهلاك فى عام 2016، نتيجة التوقعات بأن دخل الأسر الألمانية سيرتفع على خلفية تحسن وضع سوق العمل".
وعلى الرغم من أن ألمانيا كان يُنظر إليها على أنها اقتصاد قوى خلال السنوات الأخيرة، نظرا لتحقيقها معدلات نمو قوية فى الناتج المحلى الإجمالى فى الوقت الذى كانت فيه أوروبا تناضل للتعافى من الأزمة المالية، وبلغ متوسط النمو 1.2% بين عامى 1998 – 2005، فى حين ارتفعت نسبة البطالة إلى أرقام مزدوجة.
فى حين لا تزال البطالة فى منطقة اليورو فوق نسبة الـ 10% على مدى ثمانى سنوات منذ بداية الأزمة العالمية، انخفضت البطالة الألمانية إلى 4.5%، حسبما تشير بيانات حكومية، ولكن مع انخفاض عدد العمال العاطلين عن العمل وازدياد الطلب على العمالة، بدأت المناوشات بين نقابات العمال وأرباب الأعمال لتحقيق نمو معتدل فى الأجور فى الإثمار عن المطالبة بأجور أعلى بشكل أكثر شيوعا.
ونتيجة لذلك، ربما يؤدى تزايد الأجور الحقيقية بأسرع وتيرة على مدار أكثر من 20 عامًا، والتقارير الصادرة عن البنك المركزى الألمانى حول الإنفاق الاستهلاكى "القوي"، إلى جعل أكبر اقتصاد فى أوروبا مصدرًا رئيسيًا للطلب بالنسبة للدول الأعضاء الأضعف فى منطقة اليورو.
ولا يزال نمو الأجور الاسمية ضعيفًا، رغم الفارق الواضح بين أعدد العمال العاطلين والطلب عليهم، كما أن ضعف أرقام الناتج الصناعي، والتى خففت تأثير التحسن فى الانفاق الاستهلاكي، أثار تساؤلات حول ما إذا كان الانتعاش فى إنفاق المستهلكين يمثل إعادة توازن اقتصادية مستدامة.
وأوضح سايمون تيلفورد، نائب مدير مركز الإصلاح الأوروبى أن "التحسن الأخير فى الأجور الحقيقية يرجع إلى الانخفاض الكبير فى معدل التضخم، والذى عززه انهيار أسعار البترول، ويبقى السؤال حول ما إذا كان سيستمر الإنفاق بهدذا المعدل فى حال ارتفع مستوى التضخم".
ورغم وجود أسباب لـ "التفاؤل الحذر"، قال تيلفورد إنه لديه شكوك ومخاوف حول ما إذا كان صناع القرار فى برلين، والذين أظهروا نزعة مضادة للتضخم فى الماضي، سيكون لديهم استعداد للسماح بارتفاع الإنفاق الاستهلاكى بدرجة تسرّع وتيرة ارتفاع الأسعار، وفى الواقع فبدلاً من استخدام سياسة مالية لتعزيز النمو، اختارت الحكومة الألمانية إدارة فوائض فى ميزان الحساب الجارى خلال فترة ما بعد الأزمات، وكان الفائض أكثر من 8% من الناتج المحلى الإجمالى فى سبتمبر.
ويمكن القول أن مسألة بقاء المستهلك الألمانى محركًا رئيسيًا للنمو الإقليمى تعتمد على أن الزيادة فى الطلب على السلع الاستهلاكية سيدفع الشركات لتعزيز استثماراتها، وهذا الأمر ليس تحديًا سهلاً، ففى سنوات ما بعد الأزمات لطالما واصلت الشركات الألمانية زيادة صافى مدخراتها عن طريق خفض الاستثمار إلى أبعد حد، هذا بجانب تآكل الأرباح نتيجة ارتفاع تكاليف الأجور، والأرباح الموزعة – عن طريق خفض الاستثمار إلى أبعد حد.
ولكن إذا استمر هذا السلوك من الدولة الألمانية بتبنى الاستثمارات الأقل خطورة، واعتماد سياسة معيشية فى حدود إمكانياتها، فإن الطفرة الاستهلاكية الوليدة وحلم إعادة منطقة اليورو لحالة من التوازن المستدام قد لا يبقى على قيد الحياة.