دولى وعربى
ما من حي في قطاع غزة، إلا وتتراكم في بعض طرقاته ما خلّفته الحرب الإسرائيلية، من حطام ركام وردم تُقدره الأرقام الفلسطينية بنحو 2.5 مليون طن.
ماذا تفعل غزة بـ2.5 مليون طن من حطام الحرب؟
وتتكدس الأبراج، والأبنيّة التي نال منها القصف المدفعي والجوي، خلال أسابيع الحرب في كل مكان، ما يعرقل حركة السكان، والمركبات، والحياة كما يقول الحاج الخمسيني "صالح سكر"، وهو يقف على أنقاض بيته في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.
ويُضيف وهو يُشير إلى جبال الردم، وأكوام الخراب التي يبدو أمامها المارة وكأنهم "أقزام" :" لا أدري من سيزيل هذا كله؟ إنها ملايين الأطنان من الردم، والركام، أعتقد أننا بحاجة إلى سنوات لإزالة هذا كله".
وكان الجيش الإسرائيلي، قد دمرّ في غاراته المدفعية والجوية قرابة 15671 منزلا، منها 2276 دمر بشكل كلي، و13395 بشكل جزئي، إضافة إلى عشرات آلاف المنازل المتضررة بشكل طفيف، وفق إحصائيات أولية لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وكان أكثر الغارات الإسرائيلية عنفًا وصدمة للفلسطينيين، تحويلها لأبراج "الظافر 4" و"الباشا" و"الإيطالي" و"زعرب" السكنية، إلى مجرد ركام، وتشريد نحو 150 أسرة كانت تقطن هذه الأبراج.
وخلال الحرب الإسرائيلية قصفت إسرائيل أحياء كاملة في قطاع غزة، كحي الشجاعية، وبلدة خزاعة، والأحياء الشرقية لمدينة رفح، الأمر الذي خلّف أطنانا من الركام والردم.
وقالت وزارة الأشغال العامة والإسكان، الفلسطينية إنّ الحرب الإسرائيلية، خلّفت ركاما وصل إلى 2.5 مليون طن.
وقالت الوزارة في بيان تلقت وكالة الأناضول نسخةَ عنه أمس الاثنين، إن مخلفات الحرب الإسرائيلية التي استمرت لـ"51" يوما، بلغت ما يقارب 2.5 مليون طن من الركام.
وأشارت إلى أن من أهم الاحتياجات الطارئة، لإعمار قطاع غزة، البدء في معالجة 2.5 مليون طن من مخلفات الردم.
وقال ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة، والإسكان الفلسطينية، إن إزالة ركام ما خلفته الحرب الإسرائيلية يحتاج إلى تمويل عاجل، يقدر بـ30 مليون دولار.
وأضاف سرحان، في حديث لوكالة الأناضول، أنه، وفي حال تم رفع الحصار بشكل كامل، وتم فتح المعابر، وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض، وفي مقدمتها "الكسارات" فسيتم إزالة الركام.
وتابع: "نحن لنا تجربة في الحربين السابقتين "2008-2012" ، وما خلفته إسرائيل من ركام، وردم في إزالة ومعالجة، هذه المخلفات، لكن التحدي الآن أمامنا، هو رفع الحصار وإدخال المعدات اللازمة، كي نبدأ في مهمة إزالة الردم".
وأكد سرحان، أن حجم الرد في الحرب الإسرائيلية الأخيرة فاق كل تصور، إذ وصل إلى نحو 3 مليون طن، وفق تأكيده.
وتابع: "هذا الرقم مخيف، ويحتاج إلى جهد ووقت "لا يقل عن عام" في حال توفرت كافة الأدوات اللازمة لرفع الردم".
وتطرح وزارة الأشغال كما يؤكد سرحان عدة خيارات للتعامل مع أطنان الركام، من بينها توسيع ميناء غزة البحري، من خلال ردم المخلفات في البحر.
وأضاف: "وهناك خيار إنشاء ألسنة بحرية، تساعد في تركيز أمواج البحر، ولأغراض سياحية، وهناك أفكار عديدة، كأن يتم إعادة استخدامها للحصول على مواد بناء، وتكسير بعضها كي يتم استخدامه في أعمال صيانة الطرق والبنية التحتيّة".
وشدد على أن الوزارة ستستفيد من أي أفكار خلاقة تأتي من الداخل أو الخارج، لمعالجة هذا الردم، وأطنان الحطام.
واقترح الفريق الهندسي في المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار " بكدار" ، في تقرير أعدته لجنة متابعة وحصر الدمار المكونة من مهندسي بكدار فرع غزة، وتلقت وكالة الأناضول نسخةً عنه عدة طرق للتعامل مع الركام، منها أن تطحن ويعاد تصنيعها كمواد بناء أولية، واستخدامها في إعادة الأعمار لاسيما كبنية تحتية للطرقات.
كما يقترح التقرير استخدام الكم الكبير من الركام بتوسعة المساحة الجغرافية للقطاع من خلال طمر مساحات محددة مدروسة من الشواطئ ، أو استخدامها في تأهيل الساحل وبناء كاسرات أمواج عليه.
وبإمكان إزالة هذا الركام، والدمار أن يوفر فرص عمل لآلاف العاطلين عن العمل في قطاع غزة، كما يقول "معين رجب" أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزة.
ورأى رجب في حديث لوكالة الأناضول، أن إزالة الردم، تحتاج إلى مئات الأيادي العاملة، كما أن إعادة تصنيعه كمواد أولية، داخل الكسارات ستعمل على توفير العديد من فرص العمل للعاطلين.
وكان اتحاد العمال بغزة ، مؤخرا قد أشار إلى أن عدد العاطلين عن العمل بسبب الحصار على قطاع غزة والحرب الإسرائيلية، قد وصل إلى 200 ألف عاطل.
واستدرك رجب:" قد ينتج أمامنا مواد للبناء من وراء هذه الأطنان من الركام، لكن الأمر يتوقف على إزالتها وفق طرق هندسية سليمة، وإدخال المعدات اللازمة والأفكار الخلاقة لمعالجتها".
ووفق رجب، فإن عدم توفر المواد اللازمة لإعادة الإعمار، قد يدفع إلى أن يتم استخدام حطام البيوت المدمرة وتحويلها إلى مواد أساسية للبناء من خلال إعادة تصنيعها لبدء مرحلة الإعمار، أو إصلاح البيوت التي تدمرت بشكل جزئي.
ومنذ أن فازت حركة "حماس"، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، تفرض إسرائيل حصارًا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو من العام التالي، واستمرت في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني في يونيو الماضي.