دولى وعربى
بالفيديو ..كلمة" نبيل العربى" الأمين العام لجامعة الدول العربية
تنشر "المصدر" كلمة الدكتور "نبيل العربى" الامين العام لجامعة العربية وهى كالأتى:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
اسمحوا لي بدءاً أن أتوجه بالتحية والتهنئة والتقدير إلى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة ترؤسه أعمال القمة العربية السادسة والعشر ون، متمنياً لسيادته وللدبلوماسية المصرية تحت قيادته كل التوفي ق والسداد في إدارة العملالعربي المشترك ، في ظل ما نشهده من أوضاع شديدة الصعوبة وبالغة التعقيد ، وفيضوء الأخطار المحدقة بالمنطقة العربية.
وأود أن أعرب عن بالغ الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ، الذي ترأس أعمال ا لدورة السابقة للقمة العربية، وقاد خلالها دفة العمل العربي المشترك بكل حكمة وخبرة وحرصٍ شديد على وحدة
الموقف العربي.
السيد الرئيس،
يتغير العالم العربي بسرعة وبعمق، وهذا التغيير لابد وأن يطال الجامعة العربية، وهو ما حرصتُ على التأكيد عليه منذ بداية مهمتي في يوليو ٢٠١١ ، فإ ما أن نجعل من الجامعة أداةً للتغيير المسئول ، أو نتركها للتيار العارم يجرفها ف ي طريقه .
وهنا تكمن ضرورة إعادة النظر ف ي أدا ء الجامعة وبنيتها ومؤسساتها ، إن أردنا لها مواكبة المتغيرات التي يشهدها العالم العربي اليوم.
ولقد استجابت القمة العربية لهذا النداء ، وأمام حضراتكم اليوم الثمرة الأولى لهذه العملية، وهي مشروع الميثاق بصيغته المعدلة، ومشروع النظام الأساسي الجديد لمجلس السلم والأمن ، للتفضل باتخاذ القرار اللازم بالنسبة لهما ، مع ما يتطلبه ذلك من مواصلة ال مشاورات بين الدول الأعضاء ، لاستكمال عم لية تطوير الجامعة العربية وآليات عملها.
ولقد استجابت القمة العربية لهذا النداء ، وأمام حضراتكم اليوم الثمرة الأولى لهذه العملية، وهي مشروع الميثاق بصيغته المعدلة، ومشروع النظام الأساسي الجديد لمجلس السلم والأمن ، للتفضل باتخاذ القرار اللازم بالنسبة لهما ، مع ما يتطلبه ذلك من مواصلة ال مشاورات بين الدول الأعضاء ، لاستكمال عم لية تطوير الجامعة العربية وآليات عملها.
السيد الرئيس،
يواجه العالم العربي ، ومنذ نشأ ة جامعة الدول العربية قبل سبعين عاما ،ً تحديات جساماً، شهد خلالها العديد من محاولات ال تدخل في شئون ه الداخلية وتهديد سياد ة الدول، وتعرضت عد ة دول للعدوان، بل وللاحتلال في بعض الأحيان، وفي مواجهة كل هذا، تضامنت الدول العربية ونقدر جهودها قدر استطاعتها و وفقاً لما سمحت به الظروف المتاحة.
وفي خضم كل ذلك، كانت القضية الفلسطينية دائماً ، ولا تزال، تُش ّ كل التحدي الأكبر والأخطر، ف المنطقة العربية على اتساعها لن تنعم بالسلم والاستقرار و الأمن طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وطالما أن الجهود الدولية المبذولة لمعالجتها ما تزال تراوح مكانها، الأمر الذي يتطلب تبني مقاربة جديدة تهدف إلى تحقيق الحل الشامل والدائم والعادل، المستند إلى مبادرة السلام العربية و إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقرار حل الدولتين، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
إن فرص تحقيق السلام الشامل و العادل في المنطقة تتضاءل، ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني يتعرض لأفدح المخاطر إذا لم يتحمل العرب والمجتمع الدولي ويتحمل مجلس الأمن المسئولية لوقف مسلسل المفاوضات العبثية، ودفع إسرائيل إلى إقامة حل الدولتين ووفق جدول زمني محدد ، وآلية تضمن الالتزام بالتنفيذ، وذلك تحت الإشراف المباشر لمجلس الأمن ، باعتباره يتحمل المسئولية الرئيسية في المحافظة على السلم والأمن الدولي.
السيد الرئيس،
إن نظرة سريعة على واقع العالم العربي توضح عمق المأساة وحجم التحديات غير المسبوقة التي نشهدها. وليست مؤمرات الأعداء فحسب هي المسئولة عن ذلك،
بل أيضاً تراكم المشكلات والأزمات التي تواجه دو ل المنطقة منذ عقود طويلة ، و باتت تُهدد كيانات الدول العربية ووحدتها الوطنية في الصميم، وتُنذر بمخاطر ا لانزلاق في هوة من الفوضى والدمار.
يحدونا الأمل اليوم، بأن تُطلق عملية "عاصفة الحزم" التي بادرت المملكة العربية السعودية وأشقائها في التحالف للدفاع عن ال شرعية في اليمن، مقاربةً جديدةً للتعامل العربي الجماعي الفعال مع التهديدات الخطيرة التي تواجه الأمن القومي وسلامة واستقرار الدولة الوطنية العربية بمختلف مكوناتها.
وأود أن أُعرب عن التأييد التام لهذه المبادرة، باعتبارها إجراء لابد منه من أجل حماية أبنا ء الشعب اليمني وحكومته الشرعية ، والتي جاءت استجابةً لطلب فخامة الرئيس عبد ربه منصو ر هادي رئيس الجمهورية اليمنية، بعد فشل جميع الجهود التي بذلت من أجل وضع حد لتمادي جماعة الحوثيين وانقلابهم على الشرعية اليمنية.
السيد الرئيس،
إن تداعي سلطة الدولة، وتفتت ا لمجتمع واقتتال فئاته، يمّثل خطر اً داهماً لايعادله خطر آخر ، وهو ما نشهده اليوم في سورية التي يدخل النزاع فيها عامه الخامس، حيث تداعت ركائز الدولة وانهارت مقوماتها الوطنية، وباتت الأزمة السورية اليوم بتداعياتها الخطيرة ، تُش ّ كل التهديد الأكبر للأمن القومي العربي. وبكل أسف، لم يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حلٍ لهذه الأزمة يكفل إعادة الاستقرار والأمن، ويلبي طموحات الشعب السوري في الحرية والتغيير السلمي والديمقراطية.
وليبيا أيضاً تمر في خضم حالة من الفوضى والاضطراب، ولا تزال المحاولات المبذولة والرامية إلى وض ع الأزمة الليبية على مسار الحل السياسي تصطدم بالعديد من العقبات والصعوبات ، ونرجو أن يتم التوصل إلى حل قريب يعيد بناء المؤسسات ويحفظ لليبيا وحدتها وسيادتها وسلامتها الإقليمية.
أم ا الصومال ، فبعد عقود من الفوضى، بدأت خطوات إعادة بناء الدولة ، وأرجوأن يستمر هذا الجهد، وهو ما نأمل أن تؤتى ثماره وبدعم عربي لا بد منه لمساعدة الأشقاء الصوماليين على النهوض بأعباء هذه المرحلة الانتقالية.
السيد الرئيس،
إن صيانة الأمن القومي العربي، الذي يشمل أمن المواطن و أمن المجتمع والدولة، يتطلب إستراتيجية متكاملة، لمواجهة التهديد الأمني الآني، والمتمثل في جيل جديد من التنظيمات الإرهابية المسلحة، التي تستفيد من تداعي سلطة الدولة والاحتقان الاجتماعي والسياسي، و تُجّند أتباعه ا من بين الشباب ضحايا التطرف الفكري والغّلو الديني.
وأمام القمة اليوم ، مشروع قرار هام يتعلق بإنشاء قوة عربية م شتركة، ويمّثلهذا القرار تطوراً تاريخياً يرتقي بمستوى العمل العربي المشترك، ويعبر عن الإرادة الجماعية في صيانة الأمن القومي العربي. ونأمل أن يتم الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة ل وضعه موضع التنفيذ ، ولتكون هذه القوة على أهبة الاستعداد ل لاضطلاع بالمهام الملقاة على عاتقها في مواجهة التحديات التي تواجه أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية والأمن القومي العربي برمته.
إن التدابير الفورية المطلوب اتخاذها في إطار المواجهة الشاملة مع الإرهاب والتطرف لا تقتصر على الجوانب الأمنية والعسكرية فقط ، على أهميتها ، بل تستدعي أيضاً اتخاذ إجراءات لا تقل أهمية ، وتشمل النواحي الثقافية و الفكرية والايديولوجية والإعلامية والمجتمعية الحاضنة والمنتجة للتطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره.
إن هذه الجهود يجب أن يرافقها مواجهة حقيقية مع أنفسنا ، ووقفة صادقة مع المرجعيات الفكرية، فلا يمكن اجتثاث آفة الإرهاب ما لم نجتثه من العقول والقلوبوالكُتب والمعاهد والمساجد.
كما أنه لا يمكن اجتثاث ا لإرهاب ما لم نضع برامج فعالة لخفض الفقر ورفعمستويات المعيشة والرفاه العام للمواطنين ، وخلق فرص و بدائل إيجابية أمام الأجيال الشابة ليكون لها أمل في غد أفضل.
السيد الرئيس،
إننا نتحمل جميعاً مسئولية كبرى أمام الأجيال القادمة، فالقرارات التي تُتخذ اليوم سيكون لها آثار هامة على مجمل قضايانا المصيرية ومستقبل الشعوب العربية.
لقد نشأنا جميعاً على حلم الوحدة العربية، وحدة التاريخ ووحدة المصيرالمشترك.
واليوم يشعر شبابنا بأن عالمنا العربي لم يحقق كل هذه الأماني، ويلقي باللوم حيناً على قادته، وحيناً على تآمر الأعداء.
واليوم، يضعنا التاريخ أمام الاختبار الحقيقي الذي وضع فيه الجيل الذي سبقنا.
ومن جديد، علينا الوقوف معاً ومواجهة هذا التحدي المصيري، فنحن أمة واحدة، تلك حقيقة ثابتة، إن أردنا لدولنا ومجتمعاتنا النجاة من الأخطار التي تهدد بقاءها ، وتمكينها من ارتياد آفاق المستقبل ومواكبة روح العصر بثقة واقتدار.
وفقّكم الله في تحمل هذه المسئولية الكبرى،
وشكراً السيد الرئيس،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لمشاهدة الفيديو: