تبنى الفرع الليبي لتنظيم
الدولة الإسلامية الذي يسمي نفسه “ولاية برقة” هجومين من الهجمات الثلاثة
التي هزت الجمعة مدينة القبة شرق ليبيا والتي راح ضحيتها 31 شخصا على الأقل
بينما جرح أكثر من 40 آخرين.
وقالت حسابات على صلة بالتنظيم على تويتر إن “فارسين من
فوارس الخلافة قاما بتنفيذ عمليتين استشهاديتين بسيارتين مفخختين استهدفتا
غرفة عمليات الطاغوت (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر في المنطقة الشرقية
والجبل الأخضر في منطقة القبة”.
وأضافت تلك الحسابات التي بثت صورا لمنفذي الهجومين ولحظة
وقوعهما أن الانتحاريين “قتلا وجرحا العشرات ثأرا لدماء أهلنا المسلمين في
مدينة درنة وانتقاما من حكومة طبرق المتآمرة على قتلهم ورسالة لكل من تسول
له نفسه الاعتداء على جند الخلافة وعامة المسلمين”.
وفيما نشرت صورا لمسلحين ملثمين قالت إن “منفذ العملية الأولى يدعى أبو عبدالله الجزراوي، ومنفذ العملية الثانية يدعى بتار الليبي”.
ولم يذكر التنظيم التفجير الثالث في محطة توزيع الوقود في
مدينة القبة حيث وقع معظم الضحايا من المدنيين في هذه المنطقة الواقعة شرق
ليبيا الغارقة في الفوضى والعنف منذ الاطاحة بالنظام السابق العام 2011.
وقال مسؤول أمني في منطقة الجبل الأخضر في وقت سابق أن “نحو
31 قتيلا وأكثر من 40 جريحا سقطوا في ثلاثة انفجارات متزامنة بسيارات مفخخة
ربما يقودها انتحاريون استهدفت صباح الجمعة مديرية أمن مدينة القبة (30
كلم غرب درنة) ومحطة توزيع للوقود إضافة إلى منزل رئيس البرلمان المعترف به
دوليا عقيلة صالح عيسى”.
واكد شهود ومسعفون ومصادر طبية الحصيلة.
وقال شهود إن “الانفجارات كانت متزامنة وكان دويها عاليا جدا
وسمع في مختلف أرجاء المدينة” الصغيرة التي تبعد نحو 50 كلم شرق مدينة
البيضاء حيث المقر المؤقت للحكومة الليبية المعترف بها دوليا.
وقال مسعفون أن “عدد الضحايا الأكبر كان في محطة توزيع
الوقود في المدينة ومعظمهم من المدنيين الذين قدموا للتزود بالوقود من هذه
المحطة المزدحمة التي شح عنها الوقود خلال الايام الماضية ما تسبب في هذا
الازدحام”، مؤكدين نجاة رئيس البرلمان من الحادث كونه لم يكن متواجدا في
المنزل.
وفي وقت لاحق أكد رئيس البرلمان للصحافة الهجمات، معلنا الحداد سبعة أيام على أرواح الضحايا.
وطالب رضا العوكلي وزير الصحة في حكومة عبدالله الثني أهالي
الجرحى بسرعة تقديم مستندات السفر الخاصة بجرحاهم تمهيدا لنقلهم على الفور
للعلاج خارج البلاد، مدينا بشدة هذا العمل “الارهابي”.
ويأتي هذا الانفجار بعد أيام قليلة من الغارات المشتركة التي
نفذها سلاحا الجو الليبي والمصري على أهداف لمتشددين في مدينة درنة
انتقاما لمقتل 21 قبطيا تم ذبحهم على يد الفرع الليبي لتنظيم الدولة
الإسلامية في مدينة سرت وسط ليبيا.
وجميع سكان هذه المدينة من قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها
رئيس البرلمان الليبي وعبدالفتاح يونس رئيس أركان الجيش الذي قاد الحرب على
نظام معمر القذافي وقتل على أيدي متطرفين اسلاميين في العام 2011 قبل
انتهاء الثورة المسلحة بثلاثة أشهر.
ويحاصر الجيش وقوات اللواء حفتر إضافة إلى مدنيين مسلحين منذ
أشهر جميع مداخل ومخارج درنة التي تعلن ولاءها صراحة لتنظيم الدولة
الإسلامية وزعيمه أبوبكر البغدادي، فضلا عن كونها المعقل الأبرز للجماعات
الاسلامية المتشددة.
وهذه العمليات هي الأولى من نوعها التي تستهدف تجمعات مدنية
ليس لها علاقة بالمؤسسات العسكرية، وتعد تطورا لافتا في مسلسل العنف الذي
يسود البلد.
وفي أول رد فعل حكومي رسمي، حمل رئيس الهيئة العامة (وزير)
للاعلام والثقافة في حكومة الثني عمر القويري “التنظيمات الإرهابية”
مسؤولية التفجيرات.
وقال إن “هذه التفجيرات ليست مفاجئة ولا مستغربة من تنظيمات
إرهابية ممنهجة وسلوكها العنف والذبح والقتل والسبي في زمان صار فيه حتى
للحيوانات حقوق وقوانين تحميها”.
وأضاف القويري إن “المستغرب هو الصمت العربي والدولي والبعض
يحارب الإرهاب في دولة ويدعمه في أخرى، والأغرب منه هو ما نراه ونسمعه من
مناكفات سياسية بين الكتل والأحزاب والقيادات في ليبيا رغم أن الخطر
يداهمهم جميعا والسهام متجهة إليهم والسيارات المفخخة سوف تطالهم جميعا
وتصل إليهم بدون تفريق”.
وتعاني ليبيا من تدهور مستمر للوضع الامني منذ الاطاحة
بالعقيد معمر القذافي في 2011 بمساعدة تحالف عسكري لحلف شمال الاطلسي، ما
ادى الى دعوات تطلب رفع الحظر على السلاح لعل ذلك يساعد الحكومة المعترف
بها دوليا في استعادة بعض السيطرة.
وينتشر السلاح بشكل فوضوي في ليبيا حيث تتقاتل ميليشيات عدة
للسيطرة على المدن المهمة وحقول النفط. ولا يقتصر الامر على الفوضى
الميدانية.
فعلى الصعيد السياسي يوجد في ليبيا حكومتين: الاولى مقرها
طبرق ومعترف بها دوليا والثانية يسيطر عليها تحالف ميليشيات تحت اسم “فجر
ليبيا”.
وخرجت في بنغازي مساء الجمعة تظاهرات حاشدة تندد بالإرهاب وتدعو المجتمع الدولي الى رفع الحظر على تسليح الجيش الليبي.
كما أحرق عدد من المتظاهرين أعلام دول قطر وتركيا والولايات
المتحدة والمملكة المتحدة تعبيرا عن سخطهم على الموقف الرافض لهذه الدول
لتسليح الجيش الليبي.
من جهة اخرى قام الفرع الليبي لتنظيم “الدولة الإسلامية”
باستعراض بمدينة سرت، حيث بثت مواقع للتنظيم على تويتر صورا لعشرات
السيارات رباعية الدفع مسلحة وعلى متنها ملثمون يرفعون الراية السوداء
متجولين في شوارع المدينة.
وعلى خلفية ذلك أعلنت جامعة سرت توقف الدراسة
حتى إشعار آخر.
توقفت الدراسة الخميس في مدينة سرت الليبية وخلت شوارعها من
المارة غداة استعراض قوة للفرع الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية وسيطرته على
جامعتها ومعظم مؤسساتها الحكومية، بحسب مسؤولين محليين وشهود.
وأعلنت جامعة سرت الخميس توقف الدراسة، بحسب تأكيد أحد أساتذتها.
وبثت مواقع للتنظيم على تويتر صورا لعشرات السيارات رباعية
الدفع المسلحة على متنها ملثمون يرفعون الراية السوداء تتجول في شوارع
المدينة
وقال شهود عيان إن موكب السيارات المسلحة الذي قال التنظيم
المتطرف إنه “استعراض عسكري لجند الخلافة في المدينة” ضم نحو 60 سيارة
رباعية الدفع مسلحة، وحاصر جامعة المدينة إضافة إلى مجمع الوزارات السابق
في الجهة المقابلة .
وأفادت كلية الطب في الجامعة عبر حسابها في فيسبوك على لسان
عميدها إدريس الشاعري “لن تكون هناك محاضرات للطلاب، والدراسة للسنوات
الأولى والثانية والثالثة بالكلية أوقفت اعتبارا من الخميس حتى إشعار آخر،
كما سيتم تأجيل الامتحانات لنهاية الشهر الحالي نظرا للظروف الأمنية في
المدينة”.
إلا أنه لم يشر إلى محاصرة التنظيم للجامعة.
كما يسيطر جهاديون منذ مدة على قاعة “واغادوغو” حيث كان ينظم
القعيد معمر القذافي المؤتمرات والقمم العربية والإفريقية، فيما سيطر
مسحلون إسلاميون منذ أسبوع على محطات إذاعية ومؤسسات حكومية أخرى.
وقال مسؤول محلي إن المصالح الحكومية بدأت تعليق أعمالها تباعا منذ نحو أسبوع بسبب سيطرة الإسلاميين على مقارها.
و سرت مسقط رأس القذافي الذي سقط إثر ثورة 2011 وقتل في هذه
المدينة التي أصبحت ملاذا للإسلاميين وخصوصا “أنصار الشريعة” التي يصنفها
مجلس الأمن الدولي إرهابية.