دولى وعربى
«الرومي»: التحول الرقمي وبناء مهارات المستقبل أسس جاهزية الحكومات والبقاء للأكثر استباقية
أكدت عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة الإمارات للتطوير الحكومي والمستقبل نائب رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن الرهان الأساسي اليوم يجب أن يكون على بناء قدرات حكومية أساسها التركيز على الناس، مشيرة إلى أن حكومة دولة الإمارات تتبنى عقلية مستقبلية تدرك أن البقاء في عالم التنافسية اليوم هو للأسرع والأكثر استباقية وليس فقط للأقوى والأكبر.
جاء ذلك، خلال مشاركتها في جلسة حوارية بعنوان "التنمية في المنطقة: الرهان على الإدارة الحكومية العربية"، التي ضمت سعادة الدكتور ناصر الهتلان القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، في أولى جلسات "منتدى الإدارة الحكومية العربية" ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات 2022.
وتنظم حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية منتدى الإدارة الحكومية العربية، في منصة لتعزيز التعاون والشراكات العربية للارتقاء بالعمل المؤسسي والإدارة الحكومية في العالم العربي، تهدف إلى الارتقاء بالشراكات المستقبلية بين الحكومات العربية وإحداث حراك عربي في العمل الإداري الحكومي وتطوير الإدارة والخدمات الحكومية لخدمة المجتمعات العربية وتعزيز جاهزية الحكومات للمستقبل.
ويشارك في منتدى الإدارة الحكومية العربية أكثر من 100 قائد من رؤساء المنظمات الدولية ووزراء الخدمة المدنية والقادة الحكوميين المكلفين بالتطوير الحكومي، ومدراء معاهد الإدارة الحكومية في الدول العربية، إضافة إلى مسؤولين في جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية.
وقالت عهود الرومي، إن التوجه الأساسي لعمل الحكومة في دولة الإمارات هو "أولوية الإنسان" مع ما تترتب عليه من ركائز لخدمته، وإن التجارب العالمية تؤكد وجود علاقة طردية بين تنافسية الدول وتقدمها من جهة وجودة خدماتها الحكومية من جهة أخرى، مشيرة إلى ثلاث تجارب عالمية ناجحة هي جمهورية كوريا وسنغافورة والإمارات، وهي دول تمكنت خلال عقود قليلة من التحول إلى نماذج اقتصادية ناجحة على المستوى العالمي، بسبب وجود الإدارة الحكومية القوية والمتميزة
وأضافت، "نستلهم دائما من رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يؤكد أنه لو صلحت الإدارة لصلح الاقتصاد وصلحت كافة أمور الدولة واستمرت عملية التنمية، ومن هنا تكمن أهمية أن تكون لدينا إدارة حكومية استباقية تركز على الإنسان وتعمل على تحقيق النتائج بسرعة وفعالية."
وقالت وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، إن الرهان المنطقي يجب أن يكون على الإدارة الحكومية، فلا تنمية بدون إدارة، وعلينا أن نراهن على بناء قدرات حكومية أساسها التركيز على الناس من خلال الاستباقية في التفكير، والابتكار الجذري، والسرعة في التنفيذ، مع عنصر المسؤولية المتمثل في تحقيق النتائج.
ولفتت إلى وجوب أن تأخذ الحكومات بعين الاعتبار الفرص المتوفرة في المنطقة لناحية تمكين الشباب والمواهب، وهي فرص تحتاج إلى إدارة حكومية لتطويره.
وقالت: "نحتاج نماذج جديدة للتغلب على التحديات واستثمار الفرص وتحقيق القفزات، وأساس النماذج الجديدة لابد أن يكون إدارة حكومية قوية، متميزة، ومبتكرة."
وحول نظرة حكومة الإمارات إلى طرق ترتيب وتحديد الأولويات في العمل الحكومي، قالت عهود الرومي إن تجربة الإمارات تقوم على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بوضع الإنسان أولا، فالإنسان هو موضوع التركيز الرئيسي ومنه ننطلق إلى الركائز والأسس الداعمة لتحقيق الأهداف.
ونوهت إلى أن تحقيق أولويات حكومة دولة الإمارات في خدمة الإنسان تقوم على ثلاثة ركائز هي: "المستقبل الرقمي"، و"مستقبل المهارات وبيئة العمل"، و"التسريع والابتكار الجديد".
وأكدت أن العمل ضمن ركيزة "المستقبل الرقمي" يتجاوز مجرد إنتاج تطبيقات ذكية، بل يقوم على إنجاز تحول كامل في عقلية العمل الحكومي وربط الخدمات بما يتناسب مع مصالح المستخدم، وتوظيف البيانات والذكاء الاصطناعي في تعزيز العملية الاستباقية، إلى جانب العقلية التشريعية القادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية.
وأشارت إلى أن العمل على ركيزة "مستقبل المهارات وبيئة العمل" يقوم على التركيز على أشكال العمل الجديدة التي أفرزتها جائحة كوفيد-19، وما تبعها من ابتكار وسائل جديدة مثل العمل عن بعد بأشكاله المتعددة.
أضافت أن هذا الواقع يؤكد أهمية التدريب وبناء القدرات لأن حكومات اليوم تواجه تحديات لم تكن موجودة قبل 5 سنوات مثلا، مثل العملات الرقمية والميتافيرس، ما يتطلب إعادة بناء المهارات بالنظر إليها على أنها فرصة وليست عبئا، وأن تحرص على البدء بها من مستوى القيادة.
وشددت عهود الرومي على أهمية تبني التسريع والابتكار الجذري والاستمرار في التطوير انطلاقا من المستويات التي وصلت إليها الحكومات خلال فترة الجائحة.
وقالت إن دولة الإمارات تميزت في موضوع سرعة التحول الرقمي، إذ حولت محاكمها إلى رقمية خلال فترة الإغلاق الناتجة عن جائحة كوفيد-19، وواصلت تطوير التجربة بعد الجائحة وتحويل 80% من جلساتها على الأقل إلى جلسات رقمية بشكل دائم، وهذا يعكس النظرة المستقبلية التي تتبناها الدولة في العمل الحكومي.
وحول الدور الاستباقي للحكومات قالت وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، إن التحديات في عالم اليوم كبيرة، ومعالجتها يجب أن تكون بعيدة النظر لأن المستقبل يُصنع اليوم، والقرارات التي نتخذها اليوم هي ما سيؤثر علينا في المستقبل.
وتطرقت إلى أمثلة على القرارات الاستباقية الفعالة التي اتخذتها حكومة الإمارات والنتائج الإيجابية التي جنتها، مثل الحكومة الإلكترونية التي تم إطلاقها قبل 21 عاما، وبرنامج الخدمات الحكومية عبر الهاتف المحمول عام 2012، وبرنامج التعلم الذكي، التي صنعت الفرق بعد سنوات خلال جائحة كوفيد-19، باستمرارية الأعمال والتعليم، مؤكدة أن هذه الأمثلة تؤكد أن حكومة دولة الإمارات تدرك أن البقاء اليوم للأسرع والأكثر استباقية وليس فقط للأقوى والأكبر.
◄الحكومات أساس قيادة التنمية
من جهته، قال الدكتور ناصر الهتلان القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إن الحكومات هي الأساس في قيادة أي نموذج تنموي في العالم، لكن جهازها الحكومي قد يصاب بأمراض تفرض تحديات عليه، مثل الترهل الوظيفي والتوظيف غير القائم على الكفاءة وتدني الإنتاجية وتضخم عدد الموظفين، داعيا إلى إعادة النظر في السياسة القائمة والتركيز على ترشيق الجهاز الحكومي وتأهيل الموظفين وتطوير البنية التنظيمية والهياكل والإجراءات.
وأضاف القحطاني: "الحكومات أصبحت مثقلة بهذه الأعباء التي تستهلك في بعض الأحيان 90% من ميزانياتها، ما يؤثر على ما تمتلكه من قدرات للإنفاق على الخدمات، ونحن وصلنا إلى قناعة بأن الإدارة أساس نجاح أي مجتمع، فبدون تنمية إدارية فاعلة وحقيقة لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
وشدد على أن تحقيق الحكومات لأهدافها وتطوير عمل الإدارات الحكومية يرتبط بعوامل كثيرة قد تغيب عن أذهان البعض، مثل ارتباطها بمخرجات العملية التعليمية التي تنعكس بدورها على مستوى وكفاءة الموظفين، وكذلك الثقافة الشخصية للموظف ونظرته إلى الوظيفة على أنها "خدمة وليست غنيمة"، إلى جانب العلاقة بين الخدمة الحكومية وثقافة التأكد من رضى المستفيد.
ورأى القحطاني أن الدول العربية مثل دولة الإمارات، تقدم نماذج إدارية ناجحة على المستوى العالمي، وإن كانت أيضا بحاجة إلى ابتكار نموذجها الخاص للعمل الحكومي القائم على تجاربها وثقافتها المحلية، مختتما بالقول: "تجربة الإمارات أحدثت نقلة نوعية في المنطقة، وهذا الواقع يتيح الاستفادة منها إقليميا.