استثمار
«النقد الدولى» يشيد باهتمام مصر بالاستثمار فى الرى والتعليم والصحة
قالت كريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولى، اليوم الأربعاء، إن اهتمام المجتمع الدولى ينصب بصورة مباشرة خلال العام الحالى على مصر فيما يتعلق بقضايا المناخ، إذ تستضيف مؤتمر المناخ "COP27" أواخر العام الجارى، تليها دولة الإمارات فى عام 2023، مشيدة باهتمام مصر بالاستثمار فى طرق الرى الحديثة والتعليم والرعاية الصحية.
جاء ذلك فى الكلمة الافتتاحية التى ألقتها مدير عام صندوق النقد الدولى، أمام القمة العالمية للحكومات فى فعالية تستهدف إطلاق دراسة تحليلية لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بعنوان: "فى قلب الاحترار: التكيف مع تغير المناخ فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى".
وأضافت أن أزمة المناخ أصبحت بالفعل تهدد نصف سكان العالم، حيث تدفعهم لمواجهة خطر انعدام الأمن المائى لمدة لا تقل عن شهر واحد سنويا بالرغم من أن نسبة الاحترار لم تتجاوز 1.1% حتى الآن.
وتابعت جورجييفا، أنه فى الوقت الذى يعانى فيه العالم من انعكاسات الحرب الأوكرانية الروسية على المجتمعات والاقتصادات، لابد أن نتذكر جميعا أننا نعيش فى عالم أكثر تعرضا للصدمات، وذلك على غرار ما يحدث منذ عامين مع جائحة "كوفيد-19".
ونوهت بأن أزمة المناخ أصبحت تحدث بالفعل اضطرابات حادة فى حياة الأشخاص وسبل معيشتهم، ولها بالتأكيد تأثير قوى فى هذه المنطقة على وجه الخصوص، فعلى مدار العقدين الماضيين، ظلت الكوارث المرتبطة بالمناخ هنا تزداد تواترا بسرعة أكبر مما تشهده أى منطقة أخرى فى العالم.
وأشارت جورجييفا إلى أن كلا من شمال إفريقيا والصومال وإيران أصبحت تواجه موجات جفاف، فيما تشهد منطقة القرن الإفريقى انتشارا للأوبئة والجراد، وتشهد أيضا منطقة القوقاز وآسيا الوسطى فيضانات جارفة، منوهة بأن الكوارث الطبيعية أصبحت تتزايد بسرعة فائقة.
وأوضحت أن الدراسة كشفت أن الكوارث المناخية فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تسفر فى أى سنة عادية خلال هذا القرن عن إصابة وتشريد 7 ملايين نسمة وتتسبب فى أكثر من 2600 حالة وفاة وفى أضرار مادية تبلغ قيمتها مليارى دولار.
وتتسبب الظواهر الجوية المتطرفة عن خفض نصيب الفرد من النمو الاقتصادى السنوى بنسبة تتراوح بين 1% و2%، فيما تتسبب فى خسائر حادة فى منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وحدها تصل إلى 5.5% من مستوى إجمالى الناتج المحلى.
ونوهت جورجييفا إلى أن التحديات المناخية فى العصر الراهن تتسبب بالفعل فى خسائر فادحة، مؤكدة أنه مع احتساب التخفيضات العالمية الكبيرة للانبعاثات، فقد يتجاوز متوسط درجات الحرارة فى فترة الصيف 30 درجة مئوية فى نصف بلدان المنطقة بحلول عام 2050.
وأوصى الصندوق بضرورة تحقيق جميع البلدان حول العالم خفضا كبيرا فى انبعاثاتها لتحقيق استقرار درجات الحرارة العالمية وتسهيل التعامل مع تحدى التكيف مع تغير المناخ.
وأوضحت الدراسة التحليلية أنه من أجل الحفاظ على إمكانية تحقيق المستوى المستهدف البالغ 1,5 درجة مئوية، يتعين خفض الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول عام 2030.
ونوهت بأنه من أجل تحقيق هذا الهدف، نوصى بزيادة مطردة فى سعر الكربون – بطرق منها ما يعادل ذلك من التدابير غير السعرية – إلى جانب الاستثمارات الخضراء والإجراءات التى تكفل التحول العادل عبر البلدان وداخلها.
وأشار الصندوق إلى أن الإمارات قد تبوأت صدارة الجهود الإقليمية حين تعهدت باستثمار أكثر من 160 مليار دولار فى مصادر الطاقة المتجددة لخفض انبعاثات الكربون إلى صفر بحلول 2050، مشيرة إلى أن تركيز الإمارات العربية المتحدة ينصب على الطاقة النظيفة والإنشاءات المستدامة والحفاظ على المياه.
وشدد الصندوق على ضرورة إعطاء أولوية للتدابير عالية القيمة فى إدارة المخاطر والتى تبررها كل سيناريوهات المناخ المستقبلية المعقولة – مع بناء القدرة على التكيف مع التغير المستقبلى.
وفى البلدان شديدة التعرض للمخاطر، من الضرورى الاستثمار فى التأهب للكوارث والقدرة على التكيف معها، إلى جانب تقوية المؤسسات، وتعزيز الصلابة الاجتماعية.
وأوصت الدراسة كذلك بضرورة إدخال سياسات التكيف ضمن الاستراتيجيات الاقتصادية الوطنية، ولا سيما فى الأطر الاقتصادية الكلية – التى ينبغى أن تعكس المخاطر المناخية بالكامل.
وأوضح صندوق النقد الدولى أن الاستثمار فى البنية التحتية للمياه يعزز القدرة على تحمل الجفاف، ما يقلل خسائر إجمالى الناتج المحلى بما يقرب من 60%، لذا تشير التقديرات إلى أن احتياجات الاستثمار فى البنية التحتية العامة قد تصل إلى 3.3% من إجمالى الناتج المحلى سنويا فى كل بلد من بلدان المنطقة على مدار العشر سنوات القادمة، أى أكثر من ضعف متوسط الأسواق الصاعدة.
وأوضحت جورجييفا أنه بوجه عام لا يملك كثير من بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سوى حيز مالى محدود، وخاصة فى أعقاب الجائحة، لذا فقد أوصت بضرورة القيام بمزيج من الإصلاحات المحلية على مستوى السياسات والحصول على قدر أكبر من الدعم الدولى.
وطالب البلدان بتعبئة الإيرادات ورفع مستوى الكفاءة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام حيثما أمكن، وذلك، على سبيل المثال، من خلال الاستعاضة عن الدعم المعمم على الوقود بتدابير موجهة لمساعدة فئات السكان الأشد ضعفا.
وعلى المستوى الدولى، ستكون البداية جيدة إذا استطاعت الاقتصادات المتقدمة أن تحقق "أو تتجاوز" هدف توفير 100 مليار دولار سنويا لتمويل العمل المناخى فى البلدان النامية.