استثمار
الحوار مع رجل الأعمال سميح ساويرس له أهمية كبيرة تنبع من تداعيات المتغيرات الجديدة التي تمر بها مصر، من سياسة التقشف المطروحة وإجراءات تخفيف الدعم المقدم للطاقة وتباري المسئولين ورجال الأعمال للتبرع لصالح مصر بعد تبرع الرئيس السيسي بنصف راتبه وثروته، كما يجيء هذا الحوار بعد الزوبعة الأخيرة التي أثارتها تصريحات منسوبة لسميح ساويرس نشرتها وكالة أنباء رويترز.
رجل الأعمال سميح ساويرس فى حوار مع "أ ش أ "بعد الزوبعة التي أثارتها تصريحاته لرويترز
ساويرس تعرض في حواره مع وكالة أنباء الشرق الأوسط لكافة القضايا المطروحة على الساحة، وكان صريحا في إجاباته على أسئلتنا، بدأها بأنه يترقب حدوث تطور نوعى فى مناخ الإستثمار فى مصر مثل غيره من المستثمرين من أجل بدء ضخ استثمارات جديدة ،وخاصة أن قطاعي الاستثمار السياحى والعقاري وهما أبرز مجال استثماراته لايزالا محلك سر.
ونبه إلى أنه قدم مبادرة من قبل لرئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوى يدعو فيها إلى فرض ضريبة إضافية بنسبة 5 % لمدة 3 سنوات على من يصل صافى دخله إلى مليون جنيه بعد دفع الضرائب للدولة مثلما فعلت المانيا،وقال أن فرض الحكومة الحالية ضريبة بنسبة 5 % على أصحاب الدخول المرتفعة بأنها بمثابة مصادرة لجزء من الثروة .
وحول الانتقادات التي توجه إلى رجال الأعمال قال أعتقد أن معيار محاسبة أى رجل أعمال هو كيف كون ثروته وهل أفاد الاقتصاد والتزم بالقوانين ودفع ماعليه الضرائب، وتحمل مسئوليته الاجتماعية التي أرى أنها هى الباب الملكى الذى يوطد من خلاله رجل الأعمال الناجح مشروعيته فى المجتمع .
وعن تزايد مستوى الفقر والفقراء في مصر يرى أن السياسات الاقتصادية على مدى العقود الثلاث الماضية كانت لصالح الأغنياء ،معربا عن تعاطفه مع العمال والفئات العريضة فى المجتمع،وأكد أن نحو 80 % من المجتمع لم تتحسن أحوالهم المعيشية طوال السنوات الماضية، والثروة تتركز فى يد نسبة ضئيلة من المجتمع .
وأشار إلى 3 عقبات أساسية تواجه الاقتصاد حاليا،داعيا إلى إلغاء الدعم تدريجياًعلى الوقود،واعادة الأمن والاستقرار،وتنقية القوانين واصدار التشريعات الاقتصادية الحديثة وحماية الموظف العام.
ولفت إلى أن 25 مليار دولار هي حجم استثمارات خرجت من مصر بسبب الأيدى المرتعشة وعزوف المسئولين عن اتخاذ القرارات.
كيف تبرر الزوبعة الأخيرة التي أثيرت حول رجل الأعمال المصري "سميح ساويرس"، عقب مانشر من تصريحات منسوبة لك تقول إنك لا تخطط لإستثمارات جديدة في مصر في ظل استمرار سياسة البطش والتشريعات المعرقلة.
أكد سميح ساويرس "لقد كان سؤال وكالة أنباء رويترز لماذا لم تعلن حتى الآن عن ضخ استثمارات جديدة كما هو الحال بالنسبة لشقيقيك نجيب وناصف اللذان أعلنا ضخ استثمارات جديدة عقب انتخابات الرئاسة،وكانت إجابتى إن مشكلتى أن مجال استثماراتي فى القطاعين العقارى والسياحى وهو ما يحتاج بشكل أساسي تخصيص أراض لإقامة الاستثمارات ولكن لسوء الحظ أن هذين القطاعين لا يزال الاستثمار فيهما متعطل بسبب تهرب الوزراء والمسئولين عنهما من اتخاذ القرارات خوفا من الملاحقات القانونية التى اودت ببعض الوزراء السابقين فى هذين القطاعين الى السجن.
وأوضح أنه يترقب حدوث تطور نوعى فى مناخ الاستثمار فى مصر مثل غيره من المستثمرين من اجل بدء ضخ استثمارات جديدة، وأضاف مرة أخرى أن تصريحاته التى نقلتها عنه وكالة رويترز حول عدم تخطيطه ضخ استثمارات جديدة فى مصر فى ظل استمرار مشاكل المنظومة القانونية التى تعرقل الاداء الاقتصادى، كان يقصد بها على وجه الخصوص تلك الاجراءات القانونية التى تعصف بالوزراء والمسئولين فى أخر أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث أراد أن يمتص الثورة بالتضحية ببعض الوزراء، مما أودي بعدد من الوزراء الى السجن خلف القضبان فى ادعاءات بقضايا فساد وخاصة ما يتعلق بتخصيص الأراضى، وحصل بعضهم على البراءة ولكن بعد أن قضى شهوراُ طويلة فى السجن ترتب عليها إشاعة موجة ومناخ عام من الرعب والخوف لدى المسئولين والوزراء لم يتم الخروج منها حتى الآن، حيث لم يتخذ أى وزير أو مسئول قرار لصالح الاستثمار. ويزعم كل مسؤول أن هذا الأمر خارج سلطاته للهروب من اتخاذ القرار ليستمر هذا الوضع منذ ثورة 25 يناير ويستمر حتى الآن رغم أن الآمال كلها كانت معقودة على انتهاء هذا الوضع مع وصول الرئيس وتولى منصبه.
بعد تصريحاتك لوكالة رويترز والتي أسيئ فهمها وأنت أوضحت لنا ذلك، نود معرفة طبيعة مشاريعك القادمة في مصر؟
أنا أوضحت لك ما كنت أقصده بتصريحاتي لوكالة "رويترز"، ولكن يبقي السؤال الأساسي هو: كيف يمكنني أن أدخل مشاريع واستثمارات جديدة بينما كل مشاريعي بلا استثناء متوقفة منذ الثورة. مشروع هرم سيتي مثلاً، لم تعطنا الحكومة باقي الأرض كما هو منصوص عليه في العقد بيننا. مشاريعنا في قنا متوقفة رغم صدور حكم قضائي لصاحنا. وفي الأقصر أوقفنا مشاريعنا ورفضت الحكومة أن تعيد لنا أموالنا كما وعدت! حتى في الجونة توقفت معظم الإنشاءات بسبب تقرير أفاد بأنها مضرة بالبيئة، الطريف أن من كتب التقرير هو موظف مسجون الآن بتهمة تلقي رشاوى، لكن لا أحد فكر في مراجعة الأمر.. أيضاً لدينا فندقان في طابا تم اغلاقهما لأنهم رفضوا تجديد الرخصة لهما. هذه مجرد أمثلة، وكلها استثمارات بالمليارات، وبالتالي لماذا أتركها متوقفة بلا أسباب منطقية وأبدأ في مشاريع جديدة؟!
أنت اقترحت على الحكومة فرض ضريبة إضافية بنسبة 5 % لمدة 3 سنوات على أصحاب الدخول المرتفعة لماذا الاقتراح الآن، وهل خشيت من انتقاد رجال الأعمال؟
فى الحقيقة هذا الاقتراح استلهمته من تجربة ألمانيا عند الوحدة حيث فرضت ضريبة على الاغنياء لمدة 3 سنوات ثم مدتها سنتين اخرتين من أجل بناء ونهضة ألمانيا الشرقية وحققت التجربة نجاحاً كبيراً وقتها، خاصة أن الدولة تركت للممولين بدائل وخيارات، إما التسديد للخزانة أو إقامة مشروعات خدمية فى ألمانيا الشرقية, ولذلك عندما تقدمت بالاقتراح عرضته على رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوى بشكل كامل بمعنى انه يتم فرض الضريبة لمدة 3 سنوات على من يصل صافى دخله مليون جنيه بعد دفع الضرائب للدولة ، ويترك له الاختيار بين أن يقوم بتنفيذ أحد المشروعات الخدمية سواء فى التعليم أو الصحة أو المرافق العامة وفق قائمة الأولويات التى تحددها الحكومة أو أن يقوم بسداد الضريبة للخزانة العامة فى حالة عدم رغبته فى تنفيذ أى من المشروعات لعدم وجود خبرات أو عدم وجود وقت ملائم للقيام بذلك.
والحقيقة أن أهمية هذه الضريبة متعددة الأبعاد والأهداف على المستوى الاجتماعي والمسئولية الاجتماعية والتكافل وتحمل الأغنياء وأصحاب الدخول المرتفعة الأعباء الأكبر لمساندة الاقتصاد وتجاوز الصعوبات الراهنة. كما أنها تجعل أصحاب الدخول المرتفعة معتادون على القيام بتنفيذ الأعمال الخدمية وحصاد مردودها الاجتماعى والتواصل مع الناس. فضلاً عن توليد وتوفير فرص عمل هائلة تقدر بنحو ربع مليون فرصة عمل على أقل تقدير كما أنها تسهم في تحقيق رواج اقتصادى بسبب العمل فى مشروعات خدمية تحتاج إلى مواد بناء وتشييد وبناء, وأيضاً تقوم بطمأنة الممولين على أن أموالهم التي يدفعونها تذهب إلى خدمات مهمة للمجتمع دون إهدار أو سوء استخدام، وهو ما قد يدفع بعض الممولين إلى الاستمرار فى إقامة مشروعات خدمية حتى بعد انتهاء فترة هذه الضريبة المؤقتة.
لكن وزير المالية أعلن عن فرض هذه الضريبة على اصحاب الدخول دون الكشف عن اتاحة الفرصة لهم لإقامة وتنفيذ مشروعات خدمية بقيمتها بمعرفتهم؟
وزير المالية يتمتع بالقدرة على استيعاب الأفكار والمبادرات والحوار مع مجتمع الممولين لخبراته فى العمل بوزارة المالية لسنوات طويلة، وقد اقتنع بالمبادرة عندما التقى رئيس الوزراء السابق ودار حوار بينهم بخصوص ما طرحته عليه عندما كان يرأس الحكومة، وبدوره تحمس لهذه المبادرة وطرحها على المجتمع للحوار، وبعدها جرى اتصال بينى وبين "وزير المالية" وشرحت له تفاصيل المبادرة بكافة ابعادها واقتنع بأهمية أن يتم تنفيذها وفق التجربة الألمانية التى حققت نجاحات مبهرة وقتها.
ما الفارق بين هذه المبادرة و ضريبة الثروة بنسبة 5 % لمدة 3 سنوات أيضا ؟
الأمر مختلف تماماً من وجهة بين الضريبة على الثروة وبين ضريبة الـ 5 % على أصحاب الدخول المرتفعة والأغنياء؛ لأن الضريبة على الثروة لا تزيد على ربع فى الألف فقط،كما يتم تطبيقها فى سويسرا وفرنسا ولكن فرض ضريبة 5 % على الثروة بمثابة مصادرة لجزء من الثروة، ويترتب عليه تهرب من الضرائب وهروب الأموال والاستثمارات واضراره قد تكون أفدح من ايجابياته.
ما رأيك فى التساؤلات التى طرحها البعض على شبكات التواصل الإعلامى حول وجود 8 مليارديرات فى بلد يصل فيها نسبة الفقر 50%، وهم يمتلكون 160 مليار جنيه، وذلك بحسب قائمة فوربس لأغنياء العالم؟
اعتقد انه سؤال فى غير محله والأصوب أن يكون السؤال كيف حقق كل واحد من هؤلاء ثروته؟ وهل التزم بالقوانين وساهم فى التنمية والاستثمار وتوفير فرص عمل؟ السؤال دائماً لدي الناس فى الشارع هو عمل فلوسه إزاى، إذا كان بالعرق والجهد فلا بأس، بل بالعكس فهو أفاد المجتمع ويستحق التكريم، فهل من بذل جهده ونجح فى إقامة 30 فندق مثلاً أفضل أم الذى أقام فندقاً واحداً واكتفى بذلك أيهما أفاد الاقتصاد والمجتمع؟ ثم تعالى نتحدث عن أمر آخر وهو أن معظم الشخصيات المصرية التى تضمنتها قائمة فوربس لأغنياء العالم قاموا بمشروعات فى دول عديدة منذ سنوات طويلة، وليس مصر فقط بعد أن وصلت مشروعاتهم إلى الذروة داخل مصر، وبالتالى فهم خرجوا إلى العالمية وحققوا أرباح طائلة فى الأسواق الخارجية، كما هو الحال للشركات العالمية الأخرى، أم أن المطلوب هو أن تظل الشركات المصرية محدودة وداخل السوق المصرية فقط؟!
أنا شخصيا أعتقد أن المعيار فى محاسبة أى رجل أعمال هو كيف كون ثروته وهل أفاد الاقتصاد والتزم بالقوانين ودفع ماعليه الضرائب، إلى جانب بالطبع تحمل مسؤوليته الاجتماعية والتى أراها أساسية وعلى فكرة أحب أطمئن جميع من تساءلوا عن ثروات هؤلاء انهم خضعوا لمراجعات وتفتيش يفوق الوصف من قبل جميع الأجهزة المعنية فى مصر عقب ثورة 25 يناير.
هل توافق على أن المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال تكاد تكون غائبة فى مصر؟
اعتقد ان المسئولية الاجتماعية هى الباب الملكى الذى يوطد من خلاله رجل الأعمال الناجح مشروعيته فى المجتمع وهى بلاشك أساسية، وتمثل إرجاع جزء من الثروة التى حققها رجل الأعمال فى شكل تبرعات واقامة مشروعات خدمية تعليمية وصحية لصالح المجتمع الذى وفر له البيئة والمناخ لكى ينجح فى تكوين ثروته، وفى نفس الوقت المسئولية الاجتماعية من خلال إقامة مشروعات تنمية إجتماعية وتبرعات ومساهمات للجامعات والتعليم، وهو ما من شأنه تقليل الاحتقان والكراهية وتعزز الاستقرار الاجتماعى وهذا الأمر اعتبره من صميم اقتصاد السوق الحر الذى يمثل منظومة متكاملة من ضمنها المسئولية الاجتماعية للشركات والتنمية الاجتماعية والتبرعات ولك أن تعرف أن معظم، إن لم يكن كل، الجامعات الأمريكية تصل ميزانياتها مليارات عديدة من التبرعات؛ مثلاً جامعة هارفارد ميزانياتها 50 مليار دولار .
على المستوى الشخصى ما الدور الاجتماعى تقوم به؟
لا أحب أن اتحدث عن هذا الأمر حتى لا يسئ أحد فهمي، ولكن من يريد أن يعرف مساهماتنا فى التنمية الاجتماعية عليه أن يتابع دور مؤسسة ساويرس للتنمية، وإن كنت أود أن أشير فقط إلى استضافة فرع جامعة برلين بالجونة بنفقاتها وهو أول فرع لها خارج ألمانيا، علماً بأن الجامعة تتحمل مصاريف الطلاب المتفوقين.
ولكن وفقا لآراء اقتصاديون فى مؤسسات دولية فان السياسات الاقتصادية بمصر على مدى العقود الثلاث الماضية كانت لصالح الأغنياء؟
انا موافق على ذلك وأشعر بتعاطف كبير مع العمال والفئات العريضة فى المجتمع لأنه طوال الـ 30 سنة الماضية تم إهمال كبير للخدمات الأساسية والرعاية الصحية والتعليم، والدخل الحقيقى لم تطرأ عليه زيدة للنسبة الأغلب من فئات المجتمع.
هل توافق على مقولة أن مجتمع الـ 7% فقط يستحوذ على النسبة الأغلب من الناتج المحلى الاجمالى؟
نعم أنا اؤيد هذه المقولة ولكن بتعديل النسبة إلى الـ 20 %، لأن نحو 80 % من المجتمع لم تتحسن أحوالهم المعيشية طوال السنوات الماضية، والثروة تتركز فى يد نسبة ضئيلة من المجتمع، وإن كان تركز الثروة موجود فى غالبية الدول حتى الولايات المتحدة، ولكن مع وجود مستويات معيشية جيدة للمواطن وخدمات أساسية جيدة أيضاً والحقيقة أننى لا أجد مبرراً على الإطلاق فى أن تقوم الحكومة بمشروعات الكبارى والانفاق للمنتجعات الفاخرة فى بعض المدن قبل أن تقوم بضخ استثمارات ضخمة فى مشروعات الخدمات الأساسية والصرف الصحى والتعليم والرعاية الصحية التى يستفيد منها الفئات العريضة من المجتمع.
كيف ترى الوضع الاقتصادى الحالى الراهن فى مصر؟
الوضع الاقتصادى الراهن في مصر بالغ الدقة والحساسية ، حيث يعانى الاقتصاد المصري عددا من المشاكل المتراكمة و المتفاقمة ، والحل فى نظرى يكمن في فتح المجال امام تدفق الاستثمارات الخارجية ، لأننا فى امس الحاجة الى استثمارات ضخمة ، وللأسف الظروف الحالية تحول تدفق الاستثمارات ، كما أن مصر مثل باقى الدول النامية ليس لديها امكانات لتوليد رؤوس الاموال ومعدل الادخار المحلى لديها محدود لا يمكنه تحريك الاقتصاد وتحقيق معدل نمو مرتفع يسهم فى معالجة قضية البطالة.
وهناك 3 عقبات اساسية من وجهة نظرى تواجه الاقتصاد حاليا أولها: الوضع الامنى والاستقرار السياسى والتشريعى، وثانيها: حالة القلق لدى دوائر الاستثمار التى ادت الى ليس فقط العزوف عن ضخ استثمارات جديدة بل الاخطر هروب بعض الاستثمارات من مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى الان، وبما يتراوح من 20 الى 25 مليار دولار، وللاسف تم مكافأة هؤلاء بعدم رفع سعر الصرف ورفع قيمة الدولار عقب الثورة ، حيث خرجت هذه الاموال بسعر 5.5 جنيه للدولار، فى حين كان يجب رفع سعر الدولار لتقليل المخاطر اما العقبة الثالثة، فهى الاخطر على الاطلاق، وتتمثل فى ظاهرة الايدى المرتعشة وحالة الخوف لدى المسئولين، فليس هناك وزير أو وكيل وزارة قام باتخاذ قرار أو التوقيع على قرار منذ اكثر من 3 سنوات، الكل يتحاشى اتخاذ القرار رغم تأكده من صحتة قانونيا واهميته لصالح الاقتصاد.
هل تتحمل بذلك ظاهرة الايدى المرتعشة المسئولية الاكبر فى التباطئ الاقتصادى؟
انا لا أبالغ فى هذا الامر، وعليك ان تسأل أيا من المستثمرين، فمنذ ان بدأت العمل وممارسة نشاطى فى مصر لم نواجه بمثل هذه الظاهرة ، ليس هناك مسئول يود أن يتخذ قرارا ،وبدن مبالغة الغالبية العظمى من الشركات والمؤسسات سواء الخاصة او قطاع الاعمال العام التى تعمل فى السوق لم تنجح فى الحصول على قرار من أية جهة حكومية ، وهذا اكبر عائق للنشاط الاقتصادى على الاطلاق، اذ كيف تسير عجلة الاقتصاد وفترة اصدار اى قرار او الحصول على موافقات تستغرق 10 اضعاف الوقت الذى كان قبل الثورة ، ناهيك عن أن تقارير المؤسسات الدولية كانت تشتكى من طول الفترة فى السابق!، و50% على الاقل من القرارات والموافقات المهمة لتسيير النشاط الاقتصادى لا تجد من يوقعها، وشخصيا لأول مرة أجد هناك وكلاء وزراة يجهرون امام الوزير بأنهم لن يوقعوا على أى قرار ويبررون ذلك بانهم لا يودون دخول السجون مثل موظفين تم اقحامهم فى قضايا بسبب بلاغات كثير منها يستند على قوانين بالية ولا يوجد لها مثيل فى أية دولة فى العالم كيف يمكن أن يحاسب الموظف العام على قرار اتخذه طالما لم يحقق من ورائه مكاسب او يتربح من ورائه بشكل مباشر او غير مباشر ، فالطبيعى ان اى مسئول معرض لأن يتخذ قرار ا خاطئا ضمن سلسلة القرارات التى يتخذها خلال سنوات عمله ، فكل من يعمل معرض للخطأ ولكن العبرة بتربحه من عدمه كما يحدث فى دول العالم.
يبقى السؤال المهم كيف يمكن حماية المال العام؟
حماية المال العام امر اساسى لا يعترض عليه احد طالما انه يسعى الى العمل وفق القرانين وبشكل شريف ولكن هذا لا يجب ان يحول بأى شكل دون تنقية القوانين وحماية الموظف العام الذى يتخذ قرارات عديدة بحكم الوظيفة وقد يكون من بين هذه القرارات ما هو غير صائب وهذا طبيعى طالما الانسان يعمل ولكن لا يجب وضعه خلف اسوار السجن طالما لم يتربح بشكل مباشر او غير مباشر من وراء ذلك ، واقول بكل صراحة مالم نحل هذه المسألة فلا جدوى من الحديث عن جذب الاستثمارات ، وسنقضى على فرص الاقتصاد فى التقدم وخلق فرص العمل ، والحقيقة انه لا مفر من العمل بسرعة لتهيئة مناخ الاستثمار لانه من المستحيل ان نعيش على المنح والمساعدات.
من واقع خبرتك فى مجال الاسكان الاجتماعى فى مصر وبعض الدول ما تقييمك لمشروع بناء مليون وحدة سكنية ؟
هذا مشروع جيد جدا وله مردود اقتصادى كبير الى جانب المردود الاجتماعى ، حيث سيسهم فى توفير فرص عمل كثيفة امام الشباب تقدر بنحو مليون فرصة عمل ،كما سينعكس ايجابيا فى تنشيط الطلب على مواد البناء واعطاء فرص لشركات المقاولات المصرية لتنفيذ المشروع ، حيث ان الشركة الاماراتية ستشرف على التنفيذ فقط ، والحقيقة ان اختيار دولة الامارات للتوقيع على برتوكول تنفيذ المشروع مع الجيش يؤكد جديتهم وعزمهم على الاسراع فى التنفيذ ، لانهم لو وقعوا مع الحكومة كان كتب على المشروع الفشل بسب العوائق البيروقراطية التى لا تنتهى ولاتجد من يعالجها ، ولكن الجيش لديه القدرة على سرعة اتخاذ القرارات وتيسير الاجراءات .
ودعنى اشير إلى أحد أبرز العقبات الحالية أمام الاستثمار، وهي تلك التى تتعلق بمسألة تخصيص الاراضى، والتي لم تعد مسألة سهلة، فعلى سبيل المثال بعد أن نفذنا المرحلة الأولى من مشروع الإسكان الاجتماعى لا نجد حاليا جهة تستطيع تخصيص اراضى المرحلة الثانية التى تم الاتفاق بشأنها بالفعل قبل تنفيذ المرحلة الاولى، مما ادى الى توقف المشروع .
هل يمكن ان نتعرف على تفاصيل مبادرة بناء الف مدرسة التى طرحتها؟
بايجاز هذه مبادرة اساهم فيها بضخ 350 مليون جنيه، كما سيشارك فيها مؤسسات تمويل دولية منها بنك الاستثمار الاوروبى والبنك الدولى ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، وسيتم تمويل المشروع بنظام الــ "بي بى بى"، اى المشاركة بين القطاع الخاص والحكومة، بهدف مساعدة الدولة فى قضية التعليم التى تمثل اهم وابرز المجالات التنموية ذات العائد الكبير اقتصاديا واجتماعيا وعلى تنمية الموارد البشرية ، وسوف يكون العائد على التمويل لا يتجاوز العائد على اذون الخزانة فقط من منطلق المساهمة فى تمويل المشروعات التنموية ذات العائد الاجتماعى .
ما الروشتة التى تقترحها لسرعة تعافى الاقتصاد؟
الغاء الدعم تدريجياً على الوقود فلم يعد من المقبول اطلاقا ان يحصل الاغنياء واصحاب الملايين على البنزين والكهرباء مدعومين، هذا اهدار للموارد المحدودة، وفى ظل عجز الموازنة العامة غير ممكن استمراره، لكن ليس قبل ان تصارح الحكومة المجتمع بخطورة الوضع الاقتصادى، وسبل انفاق اموال الدعم فى مشروعات تنموية فى التعليم والصحة والصرف الصحى ومياه الشرب لصالح الفئات الفقيرة، من اجل تلاشى اية ردود افعال قد تعطل مسيرة الاصلاح باكملها.
والأمر الثانى هو العمل على كافة المستويات لعودة الامن والاستقرار ، وثالثا تنقية القوانين واصدار التشريعات الاقتصادية الحديثة وحماية الموظف العام، ولا اقصد تحصينه، بما يفتح المجال أمام انطلاق الاقتصاد وتدفق الاستثمار. والحقيقة هذه مسئولية الرئيس الجديد الذى لن يكون أمامه خيار سوى العمل من أجل تعافي الاقتصاد وعودة الأمن والاستقرار وجذب الاستثمار لتحقيق أهداف الثورة.