استثمار
عمران: تجربة مصر في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تفتح الطريق لضخ استثمارات
عملت الهيئة العامة للرقابة المالية على تبنى التطور فى المهام الرقابية منذ نشأتها وبداية رسم ملامح الجهاز الرقابي في الدولة المصرية منذ صدور المرسوم العالي باللائحة العامة للبورصات المصرية في 8 نوفمبر 1909، ومرورا بعام 1939 الذى يرصد صدور أول تشريع يؤسس لأول كيان للرقابة والأشراف على نشاط التأمين في مصر والعالم العربى.
أكد الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية، أن الرقيب على الأنشطة المالية غير المصرفية كان على موعد مع العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين بتحمل عبء جديد لمنظومة المهام الموكلة إليه وبالتحديد فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتوجت الهيئة – مؤخراً - تاريخها العريق بتجربة فريدة أثبتت مجدداً تأكيد ثقة المؤسسات المهنية الدولية فى الجهود الرقابية للهيئة، فى إطار عملية تقييم النظم المطبقة لديها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي قام بها خبراء من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENAFATF التي تتمتع مصر بعضويتها.
وتمت عملية التقييم لجهود جمهورية مصر العربية فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح بالدولة خلال الفترة من عام 2014 -2019 وفقاً لمنهجية تقييم الالتزام الصادرة عن مجموعة العمل المالي FATF، وهي الجهة المهنية المسئولة عن وضع المعايير الدولية التي يتعين على الدول الالتزام بها فى هذا الصدد.
وأعرب رئيس الهيئة تقديره الشديد للتعاون الصادق والبناء مع الجهات المعنية فى الدولة وفى مقدمتها الوحدة المصرية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما كان له بالغ الأثر فى الإشادة بالمجهودات المتميزة والمتطورة للتجربة المصرية فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح فى القطاع المالى غير المصرفى.
جاء ذلك في الاحتفالية التي نظمتها الهيئة لتكريم العاملين بها والمشاركين في عملية تقييم نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاع المالى غير المصرفي التي خضعت لها من قبل مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط بحضور المستشار أحمد سعيد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبمشاركة قيادة هيئة الرقابة المالية.
وقال عمران إن الهيئة تولت بوصفها الجهة الرقابية الرسمية على الأسواق المالية غير المصرفية فى مصر وفقاً للقانون رقم 10 لسنة 2009 - وتمتعها بالاستقلالية وفقاً للدستور المصرى - بالقيام بالرد على استفسارات وتعقيبات فريق التقييم الدولى والدول الأعضاء فى المجموعة فيما يخص الأنشطة المالية غير المصرفية التى تشُرف وتراقب عليها الهيئة تحددت فى ثلاثة قطاعات رئيسية، يمثل القطاع الأول منها فى قطاع سوق رأس المال ويضم العديد من الأنشطة الخاصة بخدمات ومنتجات نشاط الأوراق المالية، يليه القطاع الثانى ممثلاً فى قطاع التأمين بفرعيه تأمينات الحياة وتأمينات الممتلكات، وأخيراً قطاع التمويل غير المصرفى شاملاً التأجير التمويلى والتخصيم والتمويل العقارى والتمويل متناهى الصغر.
وتابع أن خطوات الهيئة للاستعداد لعملية التقييم بدأت مبكراً بالتعاون مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب باعتبارها الجهة التنسيقية الوطنية لعملية التقييم، وبدأت العملية التمهيدية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى القطاع المالى غير المصرفى من خلال خبراء الهيئة والمختصين من الوحدة وذلك قبل بدء عملية التقييم رسمياً بوقت كافٍ، ما ساعد على معالجة القضايا الرئيسية التي كانت تحتاج إلى تطوير وتحسين فى نظم المكافحة.
ونوه رئيس الهيئة بقيام الرقابة المالية بإعادة هيكلة إدارية لمنظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال تكوين فريق متخصص للتفتيش الميدانى بشكل مستقل على مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذى هو بمثابة تقييم كامل لمنظومة مكافحة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالمؤسسات المالية محل التفتيش.
وتم الحرص على تنويع مهارات الفريق وتدريبهم وصقل مهاراتهم بعلوم وقواعد وضوابط المكافحة، ما أثرى عمليات التفتيش المتخصص، وساعد الهيئة فى التغلب على واحداً من أهم التحديات التى واجهتها يتمثل فى التباين الكبير فى طبيعة الأنشطة المالية غير المصرفية التى تقع فى نطاق رقابتها وإشرافها، من خلال تطوير قوائم فحص المعايير القطاعية المتخصصة وآليات الرقابة المجمعة لتحقيق أفضل مستويات الفعالية المنشودة عند ممارسة أعمال الرقابة الميدانية، ما عزز فعالية النهج المتدرج للعقوبات والتدابير التى اتخذتها الهيئة للحفاظ على فعالية الضوابط الرقابية ومتانتها.
كما لفت عمران إلى أن الهيئة حرصت على توفير نظم معلوماتية وتكنولوجية متعددة الأدوات ساعدت على تحقيق المزيد من الكفاءة والفعالية فى الالتزام بمتطلبات توصيات مجموعة العمل المالي الدولي في مجال المكافحة، كما شهد تعاون الهيئة مع الجهات الرقابية النظيرة فى الداخل والخارج تقدماً ملموساً فى ذات السياق.
وكشف القاضي خالد النشار- كبير مستشارى رئيس الهيئة عن قيام الرقابة المالية بعقد لقاءات وورش عمل مع ممثلي المؤسسات المالية غير المصرفية لتحديث الوعى والمعرفة بالمعايير الدولية ومساعدتهم على مزيد من الفهم المتعمق بشأنها وكيفية استيفاء الاستبيانات الخاصة بتحديث التقييم الوطنى للمخاطر، ومتابعة استيفاء المعلومات والإحصاءات والحالات العملية فى القطاعات المختلفة ذات الصلة، ما ساهم بشكل ملموس فى توفر مرجعية عملية تطبيقية لفريق التقييم الدولى عن تجربة القطاع المالى غير المصرفى فى مواجهة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح بالدولة المصرية.
وقال النشار إن عملية التقييم الدولى امتدت لفترة زادت عن العام بدءا من فبراير 2020 وحتى يونيو 2021، شملت عدة مراحل مليئة بالتحديات والتفاوت فى المهام والمتطلبات ما بين زيارة التقييم الأولى التى توقفت قبيل نهايتها مباشرة فى إطار الإجراءات الاحترازية الدولية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المُستجد ثم زيارة التقييم الثانية أعقبها عدة لقاءات مباشرة مع فريق التقييم وفريق عمل الهيئة وممثلى مجموعة العمل المالى الدولى فيما يعرف دولياً بمسمى Face to Face Meetings وختاماً بالاجتماع الثاني والثلاثون لمجموعة العمل المالى الدولى المنعقد بتاريخ 7 يونيو2021 بحضور الدول الأعضاء ومجموعة المراقبين من دول ومنظمات دولية.
وأوضح النشار أن مراحل عملية التقييم تضمنت مناقشة عدة قضايا رئيسية تتعلق بالتحقق من توفر تطبيقات لتوصيات الالتزام الفنى من حيث البنية التشريعية والرقابية التى تحكم مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى مجال الأنشطة المالية غير المصرفية، فضلاً عن التحقق من فعالية الاجراءات المطبقة للتوصيات الدولية فى مجال المكافحة، وأثبتت الهيئة والمؤسسات الخاضعة لرقابتها وإشرافها فهماً واضحاً وقوياً عن المخاطر التى تواجه القطاع بشأن مجال المكافحة.
كما برزت القيمة المضافة التى طرحتها الهيئة بشأن النهج الرقابي القائم على أساس الخطر وتطويره فى أعقاب نتائج التقييم الوطني للمخاطر فى سبتمبر 2019، واعتمدت على دليل استرشادي صادر عن وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية بشأن التقييم القطاعي للمخاطر مع إجراء الموائمات اللازمة لتتناسب مع القطاع المالي غير المصرفي.
وتابع أن المنهجية اعتمدت على استخدام مجموعات للمخاطر وإعطاء درجات للمؤشرات الكمية والنوعية وفقاً لأوزان نسبية مختلفة تنقسم ما بين مخاطر النشاط المالى غير المصرفى والمخاطر الهيكلية للمؤسسات المالية غير المصرفية والمنقحة بمقياس متدرج لفعالية آليات الحد من مخاطر النشاط.
كما وضح جلياً لفريق التقييم حجم المنافع التى تولدت نتيجة إجراء الهيئة التقييم القطاعى للمخاطر، الذى ساهم فى رسم صورة واضحة بشأن تصنيف مؤسسات القطاع المالى غير المصرفى وفق ثلاثة مستويات من المخاطر (مرتفع، متوسط، منخفض) استلزمت بالتبعية تطوير مستويات متعددة من كثافة وتكرارية أعمال الرقابة الميدانية المتخصصة بمجال المكافحة، وتطوير خطط تفتيش ميداني متعمق وفق إطار شامل بتقييم مدى متانة تطبيق نظم الرقابة الداخلية فعلياً في تنفيذ متطلبات المكافحة فى النشاط محل الرقابة.
وأكد كبير مستشاري الهيئة، الاهتمام الشديد بتأهيل العنصر البشرى سواء كان من بين فريق العاملين بالهيئة المختصين فى مجال المكافحة أو ضمن الكوادر البشرية العاملة فى المؤسسات المالية غير المصرفية الخاضعة لإشراف ورقابة الهيئة، من خلال عدة قنوات تركز أهمها فى التدريب وتطوير أدلة استرشادية لمساعدة الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة في تطبيق سياسات عمل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الأنشطة المالية غير المصرفية المختلفة بصورة احترافية تراعى المتطلبات الدولية، وتصميم نشرات توعية (انفوجراف) عن أهم المفاهيم والمستحدثات فى مجال المكافحة، والقيام بنشر العديد من هذه الأنشطة على الموقع الإلكترونى لها لضمان التثقيف اللازم للفئات المستهدفة.