عقارات
بعد «السبيكة العقارية» و«فوائد على المقدمات»
مخاوف من تأثر المشروعات العقارية بالعروض الترويجية للشركات
عرفات: العروض الترويجية ظهرت مع المنافسة الشديدة
عبد الفتاح: العميل هو صاحب الاختيار والتنفيذ الفيصل الوحيد لجذب العملاء
الجلاد: تتطلب وجود جهات رقابية لتنظيم الاستثمار العقارى
أثارت عروض الشركات العقارية خلال شهر رمضان الجارى، حفيظة الخبراء حول الهدف منها، وسط مخاوف من اتجاه بعض الشركات إلى جذب العملاء للمشروعات من خلال الدعاية غير المنطقية التى تستهدف تسويق المشروعات من خلال أفكار تسويقية جديدة.
وقالوا أن السوق العقارى يحتاج فى الوقت الراهن أفكار غير تقليدية، للتغلب على المنافسة الشديدة بين الشركات، ولكن بما يتوافق مع الالتزامات المادية على الشركات حتى تستطيع استكمال المشروعات والالتزام بمواعيد التسليم المقررة فى العقود.
وأعلنت شركة صروح للتطوير العقارى عن طرح عرض جديد مع بداية شهر رمضان تحت مسمى السبيكة العقارية، يتضمن الحصول على وحدات بمشروعين تابعين لها فى العاصمة الإدارية الجديدة ويكون السعر 100 الف جنيه للمتر تجارى أو إدارى، ويمكن للعميل الشراء بداية من 10 أمتار، على أن يكون العائد الإيجارى الإلزامى 8% + 5% زيادة سنوية للمتر ( بإجمالى 13% ) لمدة 5 سنوات.
وكانت شركة بيراميدز للتطوير أعلنت منذ شهور عن طرح وحدات بمشروعات تقوم بتنفيذها بالعاصمة الإدارية الجديدة بمقدم 30% وفائدة تصل إلى نحو 16 و17 % لصالح العميل، بالإضافة إلى تأجير الوحدة لصالح العميل لضمان تعظيم الاستثمارات الخاصة بها.
ويرى عبد العظيم خليل رئيس مجلس إدارة شركة دولمن للتطوير العقارى، أن العروض التى ظهرت الفترة الأخيرة أدت إلى خروج شركات التطوير عن الدور المنوط لها بتنفيذ المشروعات، والقيام بدور البنوك وتمويل المشروعات المختلفة، وهو ما اثر بالسلب على الملاءة المالية للشركات.
وأشار إلى أن عروض الإيجار الإلزامى والفوائد على الأقساط، تعتبر عروض جذب للمستثمرين من أجل تحفيزهم على استثمار الأموال فى المشروعات العقارية، دون الاعتبار عن الآثار السلبية التى تنجم عنها، مشيراً إلى أن عميل المنتج العقارى الجيد لا يبحث عن العروض بقدر بحثه عن منتج عقارى جيد، سواء للسكن أو للاستثمار.
وأكد أن العروض الأخيرة لاقت نجاحاً بعد طرحها كونها جذبت شريحة كبيرة جديدة من المستثمرين فى الاستثمار العقارى، وهو ما يستلزم مراجعة المشروعات التى تم طرحها بعروض غير منطقية تؤثر بالسلب على المشروع والسوق العقارى ككل.
وأوضح أن ضبط السوق لابد أن يبدأ من جهات الولاية؛ خاصة أن طرح الأراضى بمقدمات وتسهيلات كبيرة، يساهم فى وجود تكهنات بحدوث أزمة فى السوق العقارى بشكل عام، كونها تفتح الباب أمام دخول كيانات لا تمتلك سابقة الأعمال فى السوق بدون دراسات مسبقة أو مشروعات تم تنفيذها، وهو ما سيظهر خلال الفترة المقبلة مع بدء تسليم المراحل الأولى من المشروعات.
من جانبه أكد أحمد عبد الفتاح مدير مبيعات شركة ركاز للتطوير العقارى، أن تقديم الشركات تسهيلات متنوعة للعملاء يعتمد على الملاءة المالية للشركة، ودراسات الجدوى التى تم تدشينها قبل طرح المشروع.
وأوضح أن التنفيذ على أرض الواقع يعتبر اكبر دليل على جدية الشركات بعيداً عن العروض الترويجية التى تستهدف العملاء، معتبراً أن الشركات الجادة استغلت فترات التوقف والبطء فى التعاملات خلال أزمة كورونا، وقامت بزيادة وتيرة الإنشاءات فى المشروعات ليكون أفضل أساليب التسويق للمشروع.
وأكد أن دخول شرائح جديدة من العملاء فى السوق العقارى أدى إلى قيام الشركات بعمل تسهيلات متنوعة لجذبهم للشراء، بدون النظر إلى النتائج المترتبة على التدفقات النقدية الخاصة بالمشروع، لافتاً إلى أن تقييم جميع العروض الحالية سيكون مع مراحل تنفيذ المشروع.
ويرى المهندس عبد المجيد جادو الخبير العقارى أن ابرز المشكلات التى ستواجه العملاء خلال الفترة المقبلة هى مواصفات الوحدات العقارية المتفق عليها، مشيراً إلى أن السوق حالياً لا يحدد حجم المبيعات من خلال المواصفات الخاصة بالوحدة، بقدر الاتجاه إلى كثرة عدد الوحدات وتحقيق نسب عالية من أرباح المشروع.
وأضاف أن الشركات الجادة ستلتزم بالاشتراطات الخاصة بالوحدة من أجل الحفاظ على العملاء وسمعة الشركة؛ خاصة أن المنافسة جعلت الشركات تتجه إلى العروض وليس جودة المنتجات العقارية المباعة.
وأوضح أن قيام بعض الشركات بتقليل الخدمات على حساب مساحة الوحدات المباعة يعتبر مشكلة كبيرة ستواجه أصحاب الوحدات بعد استلامها، مشيراً إلى أن الوحدات التجارية تعتبر ذات حساسية خاصة وتحتاج إلى خدمات تشغيلية متعددة.
وشدد على ضرورة الحفاظ على تنفيذ المشروع كما هو متعاقد عليه كونها تمثل مصداقية لدى العملاء، وتعتبر سابقة أعمال الشركة صاحبة المشروع، بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق العملاء من خلال الالتزام بكل ما هو مسجل فى عقد الوحدة.
وأكد أنها تقع على عاتق استشارى المشروع الذى يقوم بتصميم المشروع بالكامل، ورؤية الشركة لحجم الخدمات المنفذة والتى تتوقف على نوع المشروع والوحدات بداخله وكيفية توزيع الخدمات عليه، مشدداً أن عدم الاهتمام بخدمات المشروع تطيح بالخدمات المقدمة لرواده وهو ما يؤثر بالسلب على المشروع بشكل عام.
فى البداية قال المهندس أسامة شلبى رئيس مجلس إدارة شركة أجنا للتطوير العقارى، إن أى عروض أو أفكار جديدة خاصة بطرق السداد، تساعد الشركات على التغلب على شدة المنافسة فى السوق؛ وخاصة فى العاصمة الإدارية الجديدة.
وأشار إلى انه لا يمكن الحكم على العروض المقدمة إلا بعد تجربتها، وتقييمها من المتعاملين فى السوق من أجل الحكم بشكل صحيح بدلاً من التشكيك فيها بدون دراية، موضحاً أن العروض المذكورة قامت بها إحدى الشركات العاملة فى مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، وهو ما يعطى ثقة لجهة الولاية التى تفرض شروط وإجراءات مختلفة لحماية عملاء المشروعات المتعاقد عليها فيها.
ولفت إلى أن تسويق المشروعات تطور بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، مع ارتفاع المنافسة بين الشركات، معتبراً أن تسويق المشروعات بالوحدة أو بالمتر يعتبر فى النهاية تسويق شق فى المشروع سواء كان تجارى أو إدارى أو سكنى.
ولفت إلى أن الشركات تواكب تطور السوق العقارى من خلال طرح التسهيلات والعروض من أجل مواكبة الحركة الهائلة فى حجم المشروعات، مضيفاً أن الشق التجارى مر بمشكلة كبيرة خلال الفترة الأخيرة وهى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وهو ما دعا الشركات التى تبحث عن حلول متعددة من خلال عمل عروض على السداد أو تقليل مساحة الوحدات.
واعتبر أن المشكلة التى تواجه السوق العقارى فى الوقت الراهن هى عدم تلاقى العرض والطلب، بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعملاء، مشدداً أن العميل فى النهاية يبحث عن منتج جيد وليس العروض المغرية، وهو ما يظهر فى فروق تسويق المشروعات المختلفة.
وأكد أن الفيصل الوحيد هو قيام الشركة بتنفيذ المشروع وتسليمه وفق المواعيد المقررة، بالإضافة إلى تحول الشركات إلى تنفيذ المشروع والعمل على الوصول إلى العميل النهائى للوحدة سواء كانت سكنية أو تجارية أو خدمية.
وعن عروض تخصيص مساحات معينة وتسويقها وتوقيع عقود الإيجار الإلزامية للعميل، يعتبر عرض غير جديد ومنتشر فى جميع دول الخليج، لجأت إليه الشركات المصرية فى محاولة لجذب اكبر نسبة من العملاء الراغبين فى تحقيق العوائد الاستثمارية الكبيرة.
ويرى آسر حمدى رئيس مجلس إدارة شركة الشرقيون للتنمية العمرانية، أن العروض المذكورة تعتبر استمرار لطرح العروض غير المنطقية التى بدأت منذ عام مع ظهور عدد كبير من الشركات، مشيراً إلى أن العروض الموجودة منذ فترة صغيرة تعتبر عروض غير منطقية مقارنة بحجم الالتزامات المادية المقررة على مدار مدة تنفيذ المشروع.
وأشار إلى أن البداية كانت مع عروض الزيرو المقدم، وتقسيط حتى 10 و14 سنة، والتى لاقت ترحيب كبير من العملاء، بدون العلم بما سيؤول إليه المشروع مع تنفيذه على أرض الواقع، موضحاً أن العروض المذكورة تؤثر بالسلب على السوق العقارى، ولكنها لم تظهر حتى الآن بسبب عدم تسليم المشروعات التى تم تسويقها من خلال العروض المذكورة.
واعتبر أن المشكلة تكمن فى عدم وجود سلطة أو رقيب على السوق العقارى، مع تأخر تدشين قانون اتحاد المطورين العقاريين الذى من المفترض أن ينظم ويراقب السوق العقارى بكل فئاته، مشدداً على ضرورة الانتهاء من القانون فى أسرع وقت من أجل إحكام الرقابة على الممارسات التى تتم فى المشروعات المختلفة.
وأضاف أن بعض الشركات تقوم بعمل عروض غير منطقية لفترات قصيرة، مع مرورها بأزمة مالية أو موعد سداد قسط الأرض أو فوائد القروض، وكلها أساليب تمويلية تعوض عدم وجود ملاءة مالية جيدة لدى الشركات وتؤثر بالسلب على المشروع فى حال استمراره.
وأكد المهندس مصطفى الجلاد رئيس مجلس إدارة شركة سيجنتشر هوم للتطوير العقارى، أن توفير عوائد ثابتة على حجز أو مقدم الوحدة يعتبر توظيف واضح للأموال، خاصة فيما يتعلق بوصول الفوائد إلى نسب تتخطى 17 %.
وأشار إلى أنه لابد من وجود جهات رقابية تقوم بتنظيم عملية الاستثمار العقارى بشكل كبير، من أجل عدم تكرار مشكلات قديمة حدثت فى القطاع العقارى من توظيف للأموال، موضحاً أن نسب الفوائد إلى تضعها بعض الشركات على مقدمات الحجز لديها تتخطى نسب الفوائد التى تضعها بعض البنوك على الشهادات البنكية.
واعتبر أن أى خلل فى دورة الاستثمار العقارى يؤثر بالسلب على القطاع بشكل عام؛ خاصة أن بعض الممارسات المذكورة تتم فى مشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو ما يعطى صورة غير حقيقية عن السوق هناك.
فى حين يرى الدكتور احمد عرفات رئيس مجلس إدارة شركة عقار بيديا العقارية، أن الإيجار الإلزامى يعتبر نوع من العروض الذى قدمته الشركات كنوع جديد من جذب العملاء، لتخفيف العبء عنهم وتشجيعهم على الشراء.
وأشار إلى أن العروض كانت ولا زالت ميزة تنافسية بين الشركات، تزيد مع زيادة المنافسة بين الشركات، وتعتبر وضع طبيعى فى ظل الكم الهائل من المشروعات التى يتم تنفيذها حالياً، مشيراً إلى أن لجوء الشركات إلى أفكار جديدة لابد أن يكون بناء على دراسات واضحة.
وأكد أن السوق يتميز بتقييم التجارب والعروض التى تظهر فيه؛ خاصة مع وجود بدائل متعددة أمام العملاء من خلال المشروعات المختلفة، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة مع بدء تسليم وتشغيل المشروعات، ستظهر آثار العروض المختلفة التى شهدها السوق السنوات الأخيرة.
وأضاف أن عدم وجود دراسات جدوى حقيقية للمشروعات، تساهم فى عرقلة المشروع من خلال الإدارة غير الجادة، بالإضافة إلى ضرورة مواكبة تغيرات أسعار مدخلات الإنتاج بشكل مستمر من مواد بناء وأراضى وغيرها.