بترول وطاقة
«الكهرباء»: تنويع مصادر الطاقة ركيزة استقرار الاقتصاد المصري
ألقى الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، كلمة نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في افتتاح المؤتمر السنوي الرابع للطاقة الذي تنظمه مؤسسة الأهرام هذا العام تحت عنوان "حصاد الإصلاح ومستقبل التنمية"، برعاية رئيس مجلس الوزراء.
وأكد أن الحكومة المصرية تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين فضلًا عن تهيئة مناخ الاستثمار والعمل على مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والدفع بعجلة التنمية الصناعية والسياحية والتعدينية والعمرانية والزراعية في توقيت واحد بمعدلات وسرعة تنفيذ غير مسبوقة.
وأوضح أن الطاقة تعد الركيزة الأساسية لإحداث التنمية الشاملة في كافة المجتمعات، وشريان التنمية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كما تعتبر مسألة حاسمة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، كما أن الطاقة تعد من أهم ركائز الأمن القومي المصري، حيث ترتبط خطط التنمية المستدامة الشاملة في جميع المجالات بِقُدرة الدولة على توفير موارد الطاقة اللازمة لتنفيذ هذه الخطط، وتسعى الدولة جاهدةً للحفاظ على موارد الطاقة، وتعظيم الاستفادة منها.
وأشار إلى أن الدولة قد وضعت رؤية مصر 2030، بهدف جعل مصر في مَصَافِ الدول المتقدمة على مستوى العالم، من خلال مضاعفة الرقعة العمرانية لاستيعاب الزيادة السكانية الكبيرة المتوقعة، وَيشمل ذلك مُعَالجة المشكلات الناجمة عن زيادة الكثافات السكانية في العديد من المدن، عبر إنشاء مجموعة من المشروعات القومية الكبرى، سواء مشروعات المدن الجديدة، والاستصلاح الزراعي، ومشروعات محطات الطاقة الكهربائية العملاقة ومشروعات تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، ومشروعات الطرق الرئيسية والسريعة، مع توفير المرافق والبنية الأساسية لهذه المشروعات.
وأضاف أنه بالرغم من التحدياتِ الكبيرةِ التي واجهتها مصر في توفير الطاقةِ للسوق المحلى خلال مرحلةٍ سابقة، إلا أن الدولة المصرية استطاعت كسابق عهدها تحويل التحديات والصعاب إلى فُرص وَمُكتسبات على أرض الواقع، وقد تم اتخاذ عددٍ من الإجراءاتِ والسياساتِ الإصلاحية بقطاع الطاقة في إطار استراتيجيةٍ جديدة تضمن تأمين الإمداداتِ والاستدامةِ والإدارةِ الرشيدة.
وتابع أن من أهم ثمار هذه السياسات القضاء نهائيًا على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، حيث تم إضافة قدرات كهربائية أكثر من 28 ألف ميجاوات وذلك بنهاية عام 2019، وبهذا أصبحت قدرات التوليد الكهربائية المتاحة كافية للوفاء بمتطلبات المستثمرين في سائر أنحاء الجمهورية من الطاقة الكهربائية.
وأشار فيما يتعلق بمجال البترول والثروة المعدنية فقد نجحت مصر خلال الفترة الماضية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز والعودة للتصدير وقد حقق قطاع البترول إنجازات متميزة محليًا وعالميًا ومازال في طريقه لتحقيق المزيد للبحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز والذهب وجذب الاستثمارات، كما حقق القطاع معدلات غير مسبوقة في إنتاج الغاز والبترول وكذلك الذهب، كما يشهد قطاع البترول أيضًا تحولات هائلة في مشروعات التكرير ومشروعات البتروكيماويات، وأيضًا التوسع في خطة توصيل الغاز للمنازل وكذلك خطة التوسع في استخدامات الغاز كوقود للسيارات، وأصبح لقطاع البترول المصري مكانة دولية متميزة من خلال إطلاق المبادرة المصرية لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط ومقرة القاهرة.
ونجح قطاع البترول المصري في خفض مستحقات الشركاء الأجانب المتأخرة فى البحث عن البترول والغاز إلى أقل مستوى لها منذ عام 2010، مما يؤكد مصداقية والتزام الدولة المصرية فى الفترة الحالية، الأمر الذي يدعم ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري، ويؤدي لزيادة ضخ الاستثمارات في صناعة البترول والغاز، بالإضافة لتحفيز الشركات العالمية على تكثيف عمليات البحث والاستكشاف لزيادة معدلات الإنتاج من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي.
استكمالًا لهذه الجهود وفي إطار تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة فقد تم بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية وبمشاركة وزارتي البترول والكهرباء وضع استراتيجية للمزيج الأمثل فنيًا واقتصاديًا للطاقة فى مصر حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى ما يزيد عن 42% بحلول عام 2035.
وفي ضوء تمتع مصر بثراء واضح في مصادر الطاقات المتجددة والتي تشمل بشكل أساسى طاقة الرياح والطاقة الشمسية حيث تم تخصيص أكثر من 7600 كيلومتر مربع من الأراضي غير المستغلة لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل القدرات الكهربائية التي يمكن إنتاجها من هذه المصادر إلى 90جيجاوات، ويمكن تصدير الفائض فى الطاقة المتجددة إلى أوروبا عن طريق الربط الكهربائى مع قبرص و-أو كريت باليونان.
ولقد اتخذت مصر العديد من الإجراءات لتعزيز الاستفادة من الإمكانيات الهائلة من الطاقات المتجددة التي تمتلكها مصر وذلك من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال إنشاء وتملك وتشغيل محطات إنتاج وبيع الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومع نهاية عام 2019 استطاعت الطاقة المتجددة في مصر وبنجاح ترسيخ مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعاتها، واكتمل إنشاء وتشغيل مجمع بنبان للطاقة الشمسية 1465 ميجاوات وحاز جائزتين عالميتين: جائزة Global Award لعام 2017 وجائزة البنك الدولي عام 2019، وباستثمار أجنبى مباشر بلغ نحو 2.0 مليار دولار أمريكي، حيث تم الانتهاء من تنفيذ المشروع بالكامل وربط كامل القدرات المولدة منه بالشبكة الكهربائية.
وجدير بالذكر أنه جاري التعاقد حاليًا مع عدد من المستثمرين لمشروعات الطاقة الشمسية بسعر 2 سنت- ك.و.س، وكذا بسعر 3 سنت - ك.و.س، بالنسبة لمشروعات طاقة الرياح وهى أسعار لم يسبق الحصول عليها من قبل وتؤكد تنافسية مشروعات الطاقة المتجددة.
وأضاف أن الحكومة المصرية قد وضعت هدفًا قوميًا لتحويل مصر إلى مركز محوري لتجارة وتداول الطاقة وتواصل وزارة البترول والثروة المعدنية خطواتها نحو تنفيذ مشروع مصر القومي للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والبترول، من خلال تفعيل دور اللجنة العليا المشكلة بقرار رئيس الوزراء عام 2016 لتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة.
وأثبتت مشاريع الربط الكهربائي بين الدول أن لها العديد من الفوائد منها الفنية والإقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية والقانونية، ومن هذا المنطلق تعمل مصر بقوة في اتجاه تعزيز مشروعات الربط الكهربائي والذي يلعب دورًا هامًا في تعزيز أمن الطاقة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة على المدى المتوسط والطويل.
وتشارك مصر بفاعلية في جميع مشروعات الربط الكهربائي الإقليمية حيث ترتبط مصر كهربائيًا مع دول الجوار شرقًا "مع الأردن"، وغربًا "مع ليبيا"، وجنوبًا "مع السودان"، ويجري العمل حاليًا على دراسة رفع قدرات الربط الكهربائي مع دول المشرق والمغرب العربي وجاري حاليًا الانتهاء من دراسة الربط الكهربائي مع العراق عن طريق الأردن، بالإضافة إلى مشروع الربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج وآسيا.
كما تم الإنتهاء من إعداد دراسة الجدوي المبدئية للربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان حيث ستكون مصر جسراً للطاقة بين إفريقيا وأوروبا.
ومن الجدير بالذكر أن الربط الكهربائي بين قارة أفريقيا وأوروبا سوف يعمل على استيعاب الطاقات الكهربائية الضخمة التي سيتم إنتاجها من مصادر الطاقات المتجددة في إفريقيا، وتحرص مصر على دعم جهود الدول الإفريقية للنفاذ للطاقة النظيفة من المصادر المتجددة خاصةً في ظل ما تتمتع به الكثير من الدول الإفريقية من العديد من مصادر الطاقة المتجددة غير المستغلة، ومن المنتظر أن تكون مصر أحد المحاور الأساسية لنقل الطاقة الكهربائية النظيفة إلى أوروبا.
وأشار شاكر، أثناء الحديث عن الطاقة إلى القطاعات التي تتأثر بها، مثل الغذاء والمياه والبنية التحتيةوالصناعة، والصحة والتنمية الحضرية وكافة الأنشطة الاقتصادية ومازال لدينا العديد من المشروعات والأفكار والآمال التى نسعى لتحقيقها فى المستقبل القريب فى مجال الطاقة.
وأوضح أن استخدام السيارات الكهربائية هى أحد المحاور لقيادة التحول فى مجال الطاقة، حيث يشارك قطاع الطاقة حاليًا مع عدد من المؤسسات الدولية والجهات المانحة لإعداد دراسات عن مستقبل سوق السيارات الكهربائية في مصر ومدى جاهزية السوق المصرى لطرح السيارات الكهربائية بالإضافة إلى تطوير وتصميم البنية التحتية الخاصة بشحن السيارات، مما يعمل علي نمو سوق السيارات الكهربائية بسرعة كبيرة.
وتسير مصر بخطوات ثابتة فى اتجاه تحويل المخلفات إلى طاقة "W2E"، وقد اعتمد مجلس الوزراء تعريفة التغذية لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة والتي تشمل المخلفات البلدية الصلبة، ومخلفات محطات معالجة مياه الصرف الصحي، والغاز الحيوي الناتج عن المدافن الصحية، وقد قدمت الحكومة المصرية مجموعة من الحوافز والضمانات في هذا المجال، وهي فرصة جيدة لمشاركة القطاع الخاص الوطني والأجنبي للاستثمار في هذه المشروعات.
بالإضافة إلى ذلك، وفي إطار الاستفادة من الطاقات المتجددة في مجال تحلية المياه، تم إعداد خطة استراتيجية لتحلية المياه "2050-2020"، بالتعاون بين وزارات "الإسكان - الموارد المائية - الكهرباء"، حيث تضمنت الخطة تنفيذ عدد 19 مشروع لتحلية مياه البحر بطاقة إنتاجية حوالي 2.9 مليون م3- يوم في نطاق عدد 9 محافظات.
ويحظى الهيدروجين الأخضر أيضًا باهتمام كبير باعتباره مصدرًا واعدًا للطاقة فى المستقبل القريب، كما تعمل حاليًا لجنة وزارية على المستوى الوطني لدراسة الهيدروجين كمصدر للطاقة في المستقبل القريب في مصر والبحث في جميع البدائل الممكنة لتوليد واستخدام الهيدروجين مع الأخذ في الاعتبار التجارب الدولية في هذا المجال حيث سيتم تحديث استراتيجية الطاقة 2035 لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة.
وأكد شاكر، على أن الطاقة تعد المورد الأغلى فى حياة الإنسان وأهم حق من حقوقه، موجهًا الدعوة للجميع للعمل على استكمال مسيرة التنمية، لمواجهة كافة التحديات والصعوبات.
وأضاف أن طريق البناء صعب ومرهق ومكلف، والمضي فيه يحتاج لعزيمة وإرادة، لكن من المؤكد أن الوصول لنهايته يحقق طموحات هذا الشعب العظيم الذى دفع الغالى والنفيس انتظاراً لأن يحيا حياة محترمة تليق بحضارته التي أضاءت للعالم كله طريق التقدم.